بضع زخات من المطر لم تثن سارة عن الخروج من المنزل… شيئ ما يناديها بينما كانت تعيد ترتيب خزانة ملابسها، بلوزتها البنية… ووشاحها الأبيض.. وهنا معطف من الصوف الناعم… والكثير الكثير من رائحةالعطر.. ذاك العطر يداهم غفوة الذاكرة.. ويهزها بعنف يوقظها… راحت تحدق بكل قطعة من ثيابها كأنها تشاهد شريطا من الأيام، بل وتسمع أصواتا وتستعيد أحاديث كثيرة… إرتدت بلوزة بيضاء يتخللها رسومات ذهبية اللون؛ تتناسق مع باقي ثيابها بشكل بسيط ومرتب، وعمدت إلى شعرها بتسريحة بسيطة أيضا… خرجت تلبي ماناداها من همس تجهل مصدره، أو لعلها همست لنفسها بهذا… أسرعت بخطاها قليلا وكان الهواء يتسلل إلى فراغ مظلتها أحيانا… قطعت عدة شوارع ووصلت عند ذاك الرصيف الرخامي.. نظرت حولها.. كان كل شيئ كماهو، متجر الهدايا… والكافتيريا.. وتلك الياسمينة تتدلى من شرفة أحد المنازل يلهو الهواء بها… ولكن لا.. ثمة ماينقص في المكان وفي روحها… أخرجت هاتفها من الحقيبة، وراحت تقلب قائمةالأسماء كمن يغوص في دوامة… وبعد تردد.. طلبت الرقم.. ومع صوت الرنين كان نبض قلبها يضطرب ويسرع.. وأنفاسها تتقطع.. ويجيبها بعد الرنة السابعة…
_ ألو… سارة..؟؟!!!
جاء صوته كنسمة ربيع وسط هذا الشتاء..
_ أجل… مرحبا” كيف حالك..
_ بخير…!!
صمتا قليلا… وسمعت صوت تنهيدته، وأحست بها تسألها عن سبب هذه المكالمة.. فقالت له:
_ ألن تأتي…؟
_ سارة..!!! إلى أين…؟؟!
_ سأنتظرك في الكافيتيريا.. أنت تعلم…
_ ولكن… حسنا” حسنا”..
يتبع…