تخطى إلى المحتوى

يبخلون حتى بإسداء النصيحة!!

بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:

كم أحزنني ذلك الموقف الذي سمعته بالأمس ضمن البرنامج الخدمي على إحدى الإذاعات السورية..

فلاح من ريف محافظة طرطوس يتصل بالبرنامج  ليقدم شكوى ويطلب المساعدة في تحصيل حقوقه من سرقة نصف محصوله من الزيت في إحدى معاصر الزيتون في منطقة صافيتا….

القصة يرويها الفلاح بكل عفوية وبلهجته الريفية الجبلية.. ويقول أنه أرسل 550 كيلوغرام من الزيتون إلى المعصرة وطلب من صاحبها ألا يقوم بعصر الكمية إلا بحضوره شخصيا حين يأتي دوره الذي ربما يستغرق عدة أيام… ولكن الذي حصل أن صاحب المعصرة قام بعصر الزيتون دون إعلام صاحبهم وقام بإيصال أربع تنكات زيت فقط بينما من المفترض -بحسب الفلاح- أن تكون الكمية المنتجة أكثر من ثمانية تنكات أي الضعف تقريباً معتبراً أن هناك سرقة قد تعرض لها ورغم كثرة المحاولات لإقناع صاحب المعصرة بعدم صحة الاستخراج والنقص الكبير الحاصل إلا أن تلك المحاولات لم تجدي نفعاً..

الملفت في القضية أن المذيع أجرى اتصالاً بمدير الجهة التي يفترض أنها الجهة المعنية بهذه القضية وهي مديرية الزراعة لمساعدة الفلاح في الوصول إلى حقه وإيجاد حل لهذه المشكلة ولكن السيد المدير اعتذر عن الإجابة معتبراً أن الموضوع ليس من اختصاصه وليس من ضمن مهامه الوظيفية… ورغم إصرار المذيع وإلحاحه على المدير لإبداء الرأي أو تقديم نصيحة للفلاح عن الجهة التي يمكن أن يلجئ إليها لتحصيل حقه -رغم عدم ذكر اسم معصرة الزيتون- إلا أن المدير امتنع بشكل قطعي عن الاستجابة.. وحتى عندما اقترح مقدم البرنامج على الفلاح أن يشتكي للشرطة وطلب من المدير إبداء الرأي بهذا الاقتراح بنعم أو لا إلا أنه رفض الإجابة أيضا.. الأمر الذي ترك متخذاً موقفاً سلبياً غريباً في هذه القضية متحججاً بعدم اختصاصه..ولتبقى القضية كباقي المئات من أمثالها معلقة وبلا أي حلول..

نأخذ هذه القضية رغم محدوديتها ورغم ظروفها غير المكتملة كمثل عام عن السلبية وعدم الاكتراث في التعاطي مع القضايا المحيطة بالمواطن في شتى المهن والاختصاصات وبجميع الشرائح الاجتماعية.. فالتهرب من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية أصبح حالة شبه عامة لدى معظم القائمين على مؤسساتنا العامة والأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد..

بالطبع نحن مع العمل المؤسساتي ومع أن تقوم كل جهة بممارسة دورها التخصصي بكل مهنية وتجرد، ولكن في مثل هذه القضايا من البديهيات تقديم الرأي والمشورة وهذا أضعف الإيمان.. ومن غير المنطقي ومن غير المقبول أن تصل السلبية إلى حد عدم إعطاء النصيحة من الجهة التي يفترض أنها المعنية أولاً وأخراً بمهنة المواطن..

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تابعونا على فيس بوك

مقالات