تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
أمام الرئيس الأسد.. محافظو دير الزور ودرعا واللاذقية وحماة والقنيطرة الجدد يؤدون اليمين القانونية الرئيس الأسد يصدر مَراسيم تشريعية بتعيين محافظين جُدد لمحافظات: دير الزور، درعا، اللاذقية، حماة، وال... إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلي على مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي الشرقي الجامعة الافتراضية تخفض معدلاتها 5 بالمئة تماشياً مع نتائج الثانوية العامة … عجمي: 10 آلاف طالب متوق... الجيش أسقط 9 طائرات مسيّرة للإرهابيين بريفي اللاذقية وإدلب … الحربي السوري- الروسي يواصل استهداف مقا... المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي يحدد الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للع... الرئيس الأسد يستقبل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أكد على تقديم ما يلزم للوافدين اللبنانيين.. مجلس الوزراء يوافق على مشروع إحداث الشركة العامة للصناعا... لجنة القرار/43/ تناقش عدداً من القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية الرئيس الأسد يبحث مع عراقجي سبل وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وتقديم الدعم والمساعدة للأشقاء اللب...

أزمة الكفاءة العلمية في سورية ولماذا نفشل حتى الان بانتقاء المديرين ؟

عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري سوري

 تتنافس جميع دول العالم حالياً فيما بينها على من يملك أكبر عدد من العلماء والباحثين ولا سيما الشباب منهم / اما نحن السوريين وزراء ومديرين نقصي ونهمش الكفاءات السورية فتهاجر الكفاءات في الداخل والخارج / . إن من أهم مقياس للتقدم في العالم يعتمد فيما يعتمد على نسب الشباب المبدعين وعلى نسب العلماء الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة, فكلما كان الشاب عالماً في سن مبكر كلما كانت أمامه فرص زمنية أطول لتطوير إبداعه وعلمه والوصول إلى أرقى المستويات, إن جميع دول العالم تدرك أهمية العلماء فهي الأساس لتطور المجتمع وزيادة الدخل الوطني ومستوى متوسط دخل الفرد ولا يمكن لأمة من الأمم أن تبلغ مرحلة الرفاهية بدون العلم و التكنولوجيا ويلعب الإنسان والتنمية البشرية الدور الأساسي والأهم في الارتقاء بالعلم والتكنولوجيا, إن أمريكا لم تستطع الوصول إلى هذا المستوى الرفيع في العلوم والتكنولوجيا إلا بعد أن استقطبت الكثير من العلماء من الداخل والخارج حيث يقدر حالياً أن نحو 57{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1}[1] من حملة الدكتوراه هم ليسوا من أصل أمريكي كما أن ثلث الذين حازوا على جوائز نوبل ليسوا أيضاً من أصل أمريكي.

لقد ناضلت الأمة العربية كثيراً بعد الحرب العالمية الثانية ونيلها الاستقلال من أجل إعداد الأطر العلمية الركيزة الأولى في النهوض , فهي تمتلك اعتباراً من عام 1985 -78000- إنسان من حملة الدراسات العليا والدكتوراه وبزيادة سنوية تصل إلى 8,9{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} كما أن عدد خريجي الجامعات يقدر سنوياً ب250 ألفاً فأكثر عدا الخريجين من الدول الأجنبية ويقدر عدد مراكز البحوث و الإنماء في الوطن العربي ب265 مؤسسة يتراوح عدد الباحثين والمساعدين بين 500-3000 في كل واحدة منها وكما يقدر عدد الباحثين من حملة شهادات الدراسات العليا والدكتوراه في حقل البحث العلمي بزهاء 8800 باحث ومساعد, يضاف إليهم عدد كبير من المعاونين بحيث وصل عدد العاملين في البحوث إلى 33700عام 1990.

كما تشير كثير من الإحصائيات ‘إلى أن إجمالي الإنفاق على البحث والإنماء في الجامعات وفي مراكز البحث والإنماء قد بلغ 3.2 مليار دولار عام 1990 بعد أن كان في حدود 2.3 مليار دولار عام 1985 أي ما يعادل 0,57من إجمالي الناتج القومي في المنطقة العربية وهذه النسبة ضئيلة إذا ما قورنت بالدول المتقدمة, حيث هي بالمتوسط 2,92{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1}من إجمالي الناتج القومي, إن هؤلاء مخولين أكثر من غيرهم كي يصبحوا علماء حقيقيين ولا يجوز بحال من الأحوال الاستهانة بهذا العدد إذ يفوق ما كانت تمتلكه أمريكا أو إنكلترا أو ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية, لكن من المؤسف أن علماء العرب في ميدان البحوث والإنماء دون المستوى المطلوب كما ونوعاً ولا يتعدى أداؤهم 10{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1}مما هو مطلوب عالمياً, حيث من المفروض على العالم أن يقدم بحثاً واحداً أو اثنين على الأقل في كل سنة كما ان أكثر البحوث العلمية والتي تقدر ب 60{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} من مجمل البحوث هي لصالح الدول الأجنبية وأن الثروة العلمية العربية على ضآلتها وشدة حاجة الوطن العربي لها لا تحسن الاستفادة منها ويستفيد منها الغريب أكثر.

ويعود ضعف إنتاجية الباحثين  العرب والسوريين إلى أهم الأسباب التالية:

  1. ضعف دخل العالم أو الباحث بالموازنة مع غيره من الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية عليا ويعملون في مجالات التجارة أو إدارة الأعمال أو في الصناعة وحتى في الخدمات, ناهيك عن التناقضات الحاصلة بين أجور العاملين في القطاع العام والخاص.
  2. ضعف الإنفاق على البحث العلمي .
  3. غياب التخطيط العلمي السليم وعدم توافر التجهيزات والوسائل العلمية الجيدة والمتطورة في مراكز البحوث والجامعات في أكثر الدول العربية والمتوافر منها لا يستفاد منه كما نجد كذلك عدم توافر المراجع العلمية وعدم دخول الحاسوب على نطاق واسع لهذه المراكز.
  4. عدم قناعة معظم الحكومات العربية بجدوى الأبحاث العلمية في رفع مستوى الإنتاجية والدخل القومي ومستوى دخل الفرد, وعزوف القطاع الخاص بشكل شبه نهائي عن إجراء البحوث العلمية لديه, على العكس مما هو حاصل في الدول الصناعية المتقدمة حيث يشارك القطاع الخاص ب40-60{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1}من مجمل البحوث الصادرة.
  5. هيمنة العقلية الغربية على عقول العلماء والباحثين العرب يجعل كثيراً من البحوث لا تفيد الوطن العربي كما يجب ولا تعبر عن احتياجاته الحقيقية.
  6. سيطرة البيروقراطية والروتين والمركزية الشديدة على كثير من مراكز البحوث مما يؤدي إلى إضعاف دورها وتحوله تدريجياً إلى شكل هامشي .

إن كثيراً من الشباب العلماء والباحثين يسعون نحو الفردوس المنشود في الدول الأجنبية، لقد هاجر من الكفاءات العلمية العربية بين أعوام 1970 – 1974[2] ما قدر ب 21000 معظمهم هاجر إلى أمريكا وأوروبا وكندا وكانت الهجرة تتم بقرابة 5000 عالم عربي إلى أمريكا و 4000 إلى أوروبا و 1000 إلى بقية أنحاء العالم في الثمانينات، ولهذا لا غرابة أن نجد أن الدول المتقدمة تستأثر حالياً بزهاء 95{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} من مجموع رصيد التكنولوجيا في العالم وقرابة 94.8{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} من مجموع الناتج العلمي العالمي ولكي ندرك حجم خسارة الوطن العربي من هجرة علمائه يكفي أن نشير أن كل مهندس في أمريكا يكلف وسطياً أكثر من 300000 دولار والطبيب أكثر من 500000 دولار، أضف لذلك ما سيدفعه الوطن العربي من ثمن باهظ من أجل استيراد التقنيات والمعدات والتجهيزات والآلات الحديثة والخبراء من الدول الأجنبية، كما يجب الأخذ بالحسبان ما تعكسه الهجرة سلباً على العملية التعليمية وإعداد الأطر الفنية في الجامعات العربية بسبب نقص هذه الكفاءات وعدم القدرة على تعويضها، يقدر أن عدد الطلاب في التعليم العالي ب 6.2 ملايين طالب وطالبة عام 2000[3] وكان الوطن العربي بحاجة إلى توفير 47 ألف عضو هيئة تدريس في الفترة الواقعة بين 1985-1990 وزيادة قدرها 195 ألف عضو هيئة تدريسية في الفترة 1990-2000، باقتراض أن قطاع التعليم العالي قد توافر له 102 ألف عضو هيئة تدريس عام 2005.

إن أهم الأسباب لهجرة الكفاءات العلمية في الوطن العربي تعود إلى:

  1. ضعف دخل العالم أو الباحث العربي بالمقارنة مع غيره من العاملين في مختلف الأنشطة الاقتصادية وفي الوقت ذاته يمكن الحصول على دخل أفضل في الدول الأجنبية.
  2. غياب التخطيط العلمي السليم، مما يجعل الباحث يعمل بدون أهداف واضحة وبالتالي فإن الأبحاث لا تلبي طموحاته وتطلعاته أو تشبع الحاجات العلمية في نفسه.
  3. ضعف الاهتمام بالبحث العلمي وعدم تقدير أهمية الأبحاث العلمية في الوطن العربي عموماً.
  4. ضعف ربط الإنسان بوطنه وهيمنته العقلية والحياة الأجنبية على الطلاب والباحثين خلال دراستهم أو عملهم سواء عملوا داخل الوطن العربي أو خارجه.
  5. توافر شروط اجتماعية وثقافية وترفيهية أفضل للباحث والتمتع بمزيد من الحرية والعبير عن الذات خارج الوطن.
  6. توافر الاستقرار السياسي والوظيفي لحد ما وضمان المستقبل للباحث بشكل أفضل في الدول المتقدمة.
  7. ما زالت التجهيزات العلمية والمخابر والمراجع العلمية دون المستوى المطلوب تجعل أبحاث الباحث قاصرة، لا تصل على مستوى مثيلاتها من البحوث في الدول المتقدمة.

بالرغم من أن نتائج هجرة الكفاءات العلمية تكون سلبية عادة على الوطن العربي والمجتمع ولكنها لا تخلو من بعض الفوائد مثل:

تأمين فرص عمل، حل مشكلة البطالة، زيادة الحصيلة المعرفية والعلمية، بعض الفوائد المادية تعود على المهاجر وفي بعض الحالات على الوطن، إذ قد يحول المهاجر جزءاً من أمواله وأعماله العلمية إلى وطنه الأصلي ولا سيما إذا كانت الهجرة مؤقتة.

لا بد من الإشارة إلى أن نتيجة للركود الاقتصادي العالمي ووصول الدول المتقدمة إلى حالة الإشباع من الناحية العلمية والتكنولوجيا وعدم إمكانية تأمين فرص للباحثين والعلماء لديها في الآونة الأخيرة فإن هجرة العلماء العرب بدأت بالتراجع ولكن ذلك لن يحل مشكلة العلماء والباحثين العرب لأن أبصارهم ستبقى معلقة بالخارج إذا لم نحسن الاستفادة منهم وإعطائهم الحقوق المناسبة.

وربما تتفاقم مشكلة العلماء والباحثين العرب في المستقبل بسبب عودة بعضهم من الخارج للاستغناء عن خدماتهم وعدم إمكانية تأمين فرص عمل مناسبة داخل وطنهم أو تكليفهم بأعمال هامشية دون المستوى الذي وصلوا إليه، فتزداد الأمور تعقيداً ونخسر بذلك ثروات لا تقدر بثمن.

[1] العرب وتحديات العلم والتقانة (تقدم من دون تغيير)1999، انطوان زحلان، مركز دراسات الوحدة العربية.

[2] الشباب العربي، المعرفة، العدد389 1996.

[3]  مصدر سبق ذكره.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات