طرطوس- رفاه نيوف:
حصل هذا في مشفى بانياس الوطني: اتفقت مع طبيبها لإجراء القيصرية بيوم وتاريخ محددين وسبقته إلى المشفى العام لتدخل بشكل إسعافي وتالياً التحضير لإجراء العمل الجراحي لكن طبيبها تأخر في القدوم إلى المشفى وعند حضوره كانت غرفتا العمليات المخصصتان للولادات القيصرية قد شغلتا ما اضطر السيدة للانتظار ريثما يأتي دورها وأثناء الانتظار بدأت السيدة تتألم وقد جاءها المخاض وبعد ساعة أو أقل أنجبت الأم طفلها بولادة طبيعية علماً أنه الطفل الأول لها، نعم ولدت السيدة ولادة طبيعية رغم خوفها من الألم وإصرارها على الولادة القيصرية وبعد ساعة من الولادة خرجت السيدة مع طفلها من دون أن تحتاج عملاً جراحياً, الولادة بالقيصرية حالة فرضت نفسها بقوة في مجتمعنا فهل هذه الحالة صحية وحاجة فعلية أم إنها موضة كرسها البعض بقصد أو بغير قصد وما انعكاساتها ومخاطرها على الأم والطفل؟
الأغلبية تفضلن القيصرية
بداية التقينا عدداً من السيدات اللواتي ينتظرن قدوم أول مولود لهن والسؤال كان: ما نوع الولادة التي تفضلين؟ 99{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} من الإجابات جاءت أكيد قيصرية والسبب كما ذكرن ان الولادة القيصرية أفضل لأننا من خلالها نخدر تخديراً كاملاً ولا نشعر بالألم ونستطيع تحديد تاريخ الولادة باليوم والساعة, إضافة إلى أن الطبيب المعالج لم يعترض عندما طلبنا الولادة القيصرية ولم يذكر لنا أي آثار سلبية لها, فلماذا نضع أنفسنا في حالة من الألم والتي قد تدوم ساعات طويلة وبعضهن قال: الولادة الطبيعية موضة أمي وجدتي, لقد تطورت الحياة وتطور الطب, فلماذا نعود إلى الوراء رغم الفرق الكبير في التسعيرة؟
سلبيات الولادة القصيرية
الولادة الطبيعية أسلم للجنين والأم كما أكدت الدكتورة ريم العاتكي مديرة مشفى التوليد (مشفى الشهيد مجد عبد الله) فالولادة الطبيعية هي التي تتم عفوياً من دون تدخل جراحي من قبل الطبيب، وهي أمر غريزي أو عملية فسيولوجية لها موعد محدد لا نتدخل فيه ولها مسير وتطور تلقائي، ولا يكون للطبيب دور فيه سوى الانتظار والمراقبة وعدم اللجوء إلى ما ليس له استطباب وليس لها أي انعكاسات سلبية على الأم والجنين أما القيصرية فمثلها مثل أي عملية جراحية محفوفة بالمخاطر لها اختلاطات ممكنة وواردة مثل المشكلات المتعلقة بالتخدير وتأثيره في الأم والمولود كـحدوث نزف وحدوث التصاقات تؤدي إلى عقم ثانوي والإنتان إضافة إلى عواقب العمل الجراحي من خراجات وغيرها وعودة الأم إلى حياتها تحتاج فترة أطول وحاجة أغلب الأطفال إلى حواضن, إضافة إلى استنزاف الموارد في المشافي العامة لأن الإقامة أطول وهناك استهلاك لغرف العمليات.
وتابعت العاتكي أن هناك حالات لا يمكن أن نسمح لها بالولادة الطبيعية، لكون القيصرية هي الوسيلة الأفضل للحفاظ على سلامة وصحة الأم والجنين، وتسمى هذه الحالات موانع الاستطباب ومنها ما هو مطلق، ومنها ما هو نسبي, ولكل منها حالاتها.
تشجيع الولادة الطبيعية
يتم التوجه مؤخراً في المشافي العامة لتشجيع الولادة الطبيعية ومنع الولادة القيصرية إلا عند الحاجة فخلال شهر تشرين الثاني بلغت الولادات في مشفى التوليد في مدينة طرطوس /2393/ ولادة منها /1159/ ولادة طبيعية و /1234/ ولادة قيصرية وذكرت العاتكي وهي نسبة جيدة قياساً بالسابق وأضافت أن المشفى لم يستطع خفض الولادات القيصرية أكثر لوجود سوابق قيصرية لدى 75{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} من الحالات وهنا يصبح استطباب القيصرية ضرورة وحتمياً. ومن الاجراءات المتخذة بالمشفى حاليا منع القيصرية للسيدة التي تأتي المشفى في حملها الأول أي قبل تمام الحمل وعدم الاستجابة للتحريض وفي حال الحمل المقعدي أيضا لا يجرى العمل الجراحي إلا في تمام الحمل، من هنا تتم مراقبة السيدة للتأكد من استطباب القيصرية وفق مخطط في طبلة كل مريضة. وهذا ما أكده الدكتور اسكندر عمار مدير المشفى الوطني في بانياس (مشفى الشهيد إياد إبراهيم) بعد التشديد على عدم إجراء العملية القيصرية بالمشفى إلا عند الحاجة الفعلية انخفضت نسبة الولادات القيصرية بنسبة 52{600e1818865d5ca26d287bedf4efe09d5eed1909c6de04fb5584d85d74e998c1} خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي كانون الأول, حيث بلغ عدد الولادات القيصرية /28/ و/16/ للولادات الطبيعية ونعمل على رفع هذه النسبة خلال الأشهر القادمة, وأكد عمار أن التوجه الحالي لتثقيف الأم بمخاطر الولادة القيصرية إضافة إلى أن الطبيعية لا تجري إلا بعد أن يصل الجنين إلى مرحلة النضج وتالياً عدم حاجته للحواضن بعد الولادة.
للطبيب الدور الأكبر
ولا يمكننا تشجيع الولادات القيصرية بمنأى عن الطبيب المولد فهو من يلعب الدور الأساس في توجيه السيدة ونصحها ولكن ما يحدث اليوم أن الطبيب هو من يشجع على الولادة القيصرية لأن أجرها يصل أكثر من /75/ ألف ليرة في المشافي الخاصة وبعضها يتقاضى 100 ألف ليرة سورية للعملية حتى في المشافي العامة يتقاضى أغلب الأطباء أجرة التوليد من السيدة بعد خروجها من المشفى بمبلغ يصل ما بين 10 -15 ألف ليرة وبهذا يكون قد وفر على السيدة مبلغاً كبيراً إثر ولادتها في المشفى العام ولكنه استنزف موارد المشفى من دون وجه حق وعرّض الأم والطفل لمخاطر كانت في غنى عنها.
مكافآت ورفع الأجور
تقول العاتكي: إن تشجيع الولادات الطبيعية يكون من خلال رفع أجور الولادة الطبيعية بما يتناسب مع جهد الطبيب ووقته واعتماد المكافآت فخلال زيارتي الأخيرة إلى إيران التي تعاني ما نعانيه من زيادة الولادات القيصرية وللحد منها اعتمدت على منح المكافآت المجزية للأطباء الذين تزيد لديهم نسب الولادات الطبيعية إضافة إلى ضرورة نشر التوعية والتثقيف عن طريق وسائل الإعلام والمراكز الصحية والمحاضرات والندوات.

بانوراما طرطوس-تشرين