ينتظر العم أبو محمد من إحدى قرى بانياس الجبلية بدء موسم تساقط الأمطار وما يصاحبه من برق ورعد ليبدأ رحلة جمع الفطر الطازج من تحت أشجار السنديان والأماكن الرطبة وهي عادة قديمة جداً تعود إلى الآباء والأجداد، وقد تعوّد أهل القرى جمع الفطر وتناوله- كما أكّد أبو محمد- وبّين أن أغلب أهل القرى قادرون على تمييز الفطر السام من الفطر غير السام وحدوث حالات التسمم كانت شبه نادرة، فالفطر الصالح للاستهلاك البشري ساقه بيضاء وملمسه قاسٍ غير اسفنجي وداخل الفطر غير السام يحتوي على شفرات ونوّه بأنه حتى الحيوانات قادرة على تمييزه.
أمّا اليوم- كما حدثنا المزارع فادي محمد-بسبب جشع بعض التجار الصغار الذين لا يهمهم سوى جمع المال أصبحوا يجمعون الفطر من الأراضي الزراعية من دون تمييز ويعمدون إلى بيعه في أسواق المدينة ومراكز المناطق في محافظة طرطوس على أنه فطر بلدي ومضمون وقد اختلط الأمر على المستهلك وخاصة بعد انتشار فطر المزارع الطازج في أسواق طرطوس والصالح للاستهلاك البشري وتالياً وقع المستهلك في فخ التاجر ليتسبب بحالات من التسمم إضافة إلى جهل بعض سكان القرى وعدم قدرتهم على التمييز بين أنواع الفطر.
وأشار المهندس محمد حسن رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة طرطوس إلى وجود أنواع عديدة من الفطر تنتشر في الأراضي الزراعية منها السام ومنها الغذائي وأنواع الفطر السام المنتشرة في أراضي المحافظة هي: فطر الأمانيت وفطر أمانيتا كيس، عيش الغراب، الغابي، جالاريناسوليس وهو الأشد سمية، ويمكن تمييز الفطر السام ظاهرياً من شكله ومكان نموه فهو يتميز بلون الساق الداكنة وسماكته والوجه العلوي يكون على شكل اسفنج ولا يحتوي على شفرات من الوجه الأسفل وينمو غالبا ًعلى ضفاف الأنهار وكذلك يمكن التعرف عليه مخبرياً بإجراء فحوص لتحديد مدى سميته، أما الفطر الغذائي الصالح للاستهلاك البشري فلونه أبيض ويمكن التعرف عليه من خلال رش بعض الملح عليه فإذا تغير لونه من الأبيض الناصع إلى لون غامق فهو فطر صالح للاستهلاك ومن أنواع الفطر الغذائي فطر البوتون وهو أبيض، قمته كروية، جزؤه السفلي قصير، وفطر الأوسيتر أبيض شكله غير منتظم، الفطر النفاث يعيش في المروج والغابات وينمو أواخر الصيف وأوائل الخريف، كبير الحجم مقارنة بغيره، لونه أبيض قبل النضج وبني مخضر بعد النضج والفطر المحاري سهل الزراعة والإنتاج يشبه جسم المحار وينمو بشكل جانبي والفطر المشروم (الفطر الريشي) لونه أحمر له فوائد طبية وغذائية كبيرة.
وكنا قد سألنا مديرية الزراعة دائرة الإرشاد عن دور الوحدات الإرشادية في مجال نشر الوعي بين سكان القرى للحد من حالات التسمم التي كثرت خلال الأيام الماضية في المحافظة إلا أننا لم نحصل على جواب في هذا المجال.
من جهته أكّد الدكتور اسكندر عمار مدير الهيئة العامة لمشفى الباسل استمرار توافد حالات التسمم من جراء تناول الفطر السام إلى المشفى لتصل إلى /24/ حالة تسمم خلال الأيام العشرة الماضية وحتى اليوم توفي منهم ثلاثة أشخاص وأكّد الدكتور عمار ضرورة مراجعة المشفى مباشرة في حال ظهور أعراض تسمم بعد تناول الفطر ليتسنى للأطباء إنقاذ المريض قبل فوات الأوان. وبيّن أن الأعراض التي تظهر على مريض التسمم تبدأ بأعراض هضمية إقياء وإسهال حاد ثم تتطور بعدها إلى وهن عام بالجسم وضعف وتأخر وفي حال تطور الحالة والتأخر في مراجعة المشفى أو أي مركز صحي تصل الإصابة إلى قصور كلوي وقصور كبدي واعتلال قلبي إضافة إلى قصور أعضاء أخرى في الجسم ومن ثم الوفاة.

بانوراما طرطوس- تشرين