اضطر “مصطفى” وهو خريج طب بشري للسفر خارج البلاد بحثا عن فرصة عمل تمنحه راتباً لائقاً، يقول مصطفى: لا املك منزلا وليس لدي المال الكافي لافتتاح عيادة أحلم بجمع هذا المبلغ ثم العودة إلى البلاد مرة أخرى.
مصطفى يدرك جيداً أنه مهما حاول لن يتمكن من تأمين دخل محترم في بلاده يعينه على إتمام حياته، ومثله الكثير من الشباب والخريجين الذين يفضلون مغادرة البلاد بحثا عن فرص أفضل.
يضيف مصطفى: الغربة مؤلمة جداً، تزداد ألماً حين ترى أمامك كل هذا التطور الذي يحرم بلدك منه، يزداد الأمر مرة أخرى حين تدرك أن بلدك لن يستفيد في خبرتك التي اكتسبتها في بلاد الغرب لأن هناك وللأسف بعض الأشخاص الذين يعتمدون على معارفهم وواسطاتهم للوصول إلى فرص يفترض أن تمنح لمستحقها الجدير لا لذلك الشخص الذي يمتلك واسطة.
امكانات وموارد..
“محمد ابراهيم” وهو طالب هندسة في روسيا تحدث عن عدم وجود الموارد والمساعدات المالية للشباب حيث أنه تلقى الدعم في الخارح من خلال تشجيعة على القيام بمشاريع صغيرة تمكنه من الدخول في سوق العمل، وهذا لم يحصل في بلاده للأسف.
شعور بالإحباط..
الطالبة ديانا محمود وهي طالبة طب أسنان في أمريكا تحدثت عن مدى قدرتها على التوسع في الأبحاث في الخارج وضعف وقلة وعدم تشجيع الأبحاث في بلدنا، متسائلة عن الأسباب التي تمنع من دعم الطلاب ومساعدتهم التوسع في الأبحاث الأمر الذي ينعكس ايجابا على المجتمع، “محمود” لا تفكر بالعودة قبل أن يتم إيلاء التعليم اهتماما أكبر في بلادها، وهذا أمر يشعرها بالإحباط، تضيف: بالتأكيد هناك مئات آلاف الطلاب السوريين الذين ينتظرون فرصة للتميز والإبداع في مجالاتهم، لكننا للأسف لا نشجع البحث العلمي الذي تحتاجه بلادنا لتصبح بين مصاف الدول الكبيرة والمتفوقة بكوادرها البشرية.
“محمود” ترى أن الاستفادة من الكوادر البشرية والطلاب للوصول إلى تحصيل علمي وأبحاث علمية وطبية مهمة، أمور تفتقدها البلاد، وتأمل أن يتم إيلاء هذا الموضوع اهتمام أكبر بعد انتهاء الحرب مستقبلاً.
الحل في السفر..
ويرى العديد من الشباب السوري أن الحل في السفر، لانعدام فرص العمل في البلاد؟، وانتشار الواسطة والمحسوبيات، وعدم تكافؤ الفرص، آملين أن المستقبل قد يكون أفضل في حال تم إلغاء كل ما سبق وفتح صفحة جديدة بين الحكومة والمواطن.
يتهم الخارجون من البلاد بحثا عن فرص أفضل بقلة الانتماء، إلا أن الدكتور “كنان الشيخ” وهو طبيب نقسي يقول إن تعزيز مفهوم الانتماء للوطن يتم من خلال التشريعات العادلة والقادرة على تنظيم قضايا المجتمع وتجعل جميع المواطنين تحت سلطة القانون ويجب التركيز أيضاً على معيار العدالة الأجتماعية والسياسية بين المواطنين ومحاربة كل انواع التمييز بطريقة حاسمة وأن نمنح بعض الحقوق والواجبات للمواطنين لأنهم هم أيضاً شركاء في هذا الوطن من حيث المسؤلية وممارسة السلطة التي يجب أن يقوم بها ويجب ايضاً أن تهتم بكرامة المواطن لأنها من الأمور المقدسة.
مسؤولية جماعية..
تعزيز الانتماء للوطن أمر يقع على عاتق الأسرة بدرجة كبيرة، حيث يؤكد د .الشيخ أنه يحب على الاهل تدريب اطفالهم على حب وطنهم من خلال قص القصص القصيرة التي تنمي روح روح الوطني في نفوس الأبناء وأيضاً من خلال شراء الأعلام والرايات الوطنية التي تعزز حب الوطن وحفظ الاناشيد الوطنية مالها من أثر كبير في تنمية الحس الوطني ويمكن أيضاً تعزيز الوطنية من خلال الشعر والمناقشات بينهم وبين الوالدين ويجب أيضاً على الأهل تعزيز الثقافة الوطنية بالحديث عن الأهمية التاريخية والجفرافية لوطنهم وتعويدهم على احترام الأنظمة التي تنظم حقوق المواطنين وتيسر شؤونهم ونشر حب المناسبات الوطنية الهادفة والمشاركة بها والتفاعل معها من قبل الاهل أمام الأبناء أي تعليم الأطفال بالعمل الفعلي وليس بالأقوال فقط ومن واجب الأسرة ايضاً غرس السلوكيات السلمية في نفوس أفرادها وتنمية شعورهم بالفخر والاعتزاز لنتمائهم لهذا الوطن ويجب أيضاً على أولياء الأمور من أباء وأمهات ومدارس ومؤسسات ذكر الأمثلة من السلف الصالح والأقتداء بالعظماء والرموز الوطنية والدينية واللجوء إلى الدين والكتب الدينية التي تبين وتظهر قداسة الوطن والانتماء له وتعزيز المفاهيم التراثية بين أبناء الجيل وحثهم على الاعتزاز بتراثهم وجذورهم.
تعزيز الانتماء كفكرة يبدأ من التربية والمدرسة، وينتقل إلى الجامعة وسوق العمل، وتكافؤ الفرص بين ابناء المجتمع الواحد، على أمل آلا تخشر سوريا المزيد من شبابها وخبراتها العلمية، والتي كانت الحرب التي تعيشها البلاد سببا أساسيا اليوم في فقدان الكثير من رؤوس الأموال والخبرات العلمية السورية.