تخطى إلى المحتوى

بين القبول والرفض.. النساء يحترفن عالم التجارة

اخترق العديد من النساء عالم التجارة وأصبحن يدرن أكبر المحال بكل جدارة ونجاح ولقيت هذه الظاهرة القبول من عدد كبير من الناس فانتشرت لدرجة أصبح فيها أغلبية المحال تضم بائعات من الجنس اللطيف، خاصة فيما يتعلق ببيع المستلزمات النسائية الأمر الذي لقي استحساناً ورضا وقبولاً.
خلال جولة قادتنا إلى بعض المحال التجارية ما لفت انتباهنا هو وجود سيدات من أعمار متفاوتة يعملن في هذه المحال، وأغلب محال بيع الملابس مزدحمة بالفتيات والسيدات وبمجرد دخول أي شخص إلى المحل تستقبله فتاة بابتسامة لطيفة وتساعده على اختيار القطعة التي تناسبه سواء كان رجلاً أو امرأة، ومن الواضح أن هذه الفتاة اختيرت بعناية لتلبية طلبات الزبائن.
ولدى لقائنا عدداً من أصحاب المحال أكدوا لنا ضرورة وجود العنصر النسائي لاستقطاب الزبائن يقول أبو النور وهو صاحب محل «نوفوتيه» إن العنصر النسائي أصبح فعالاً جداً في عملية تسويق المنتجات، بعد أن كانت عملية البيع مقتصرة على الرجال وفي سياق الموضوع يشرح.. عندما تكون الفتاة موجودة داخل المحل تجذب زبائن أكثر، خاصة إذا كانت البضائع تخص السيدات كالملابس والماكياج وغير ذلك، ويبين، بعد تجربتي في المحل نفسه بمهنة بائع لم يكن يدخل إلى النوفوتية إلا عدد قليل من الزبائن خجلاً منهم عندما يرون شاباً في المحل.
أما الآن فقد اختلفت الصورة وزاد عدد الزبائن، فالفتاة دائماً مقنعة بطريقة جذبها للزبائن. بينما أبو أمجد وهو الآخر يملك محلاً في منطقة المزة لبيع الأحذية والجزادين النسائية لا يوظف باعة إلا من الفتيات فحسب رأيه أن طبيعة التجارة في المحل تتطلب ذلك من أجل أن تجد الزبونة راحتها وهي تقوم بتجريب ما تشتريه.
تجربة الفتيات
هند تعمل بائعة في محل نظارات تقول: إن مهنة المبيع أصبحت تستقطب الإناث أكثر من العنصر الرجالي، وهذا يعود بالفائدة على أصحاب المحل، لذا أغلب محلات البيع توظف الفتيات فقط، لأن الفتاة تكون أكثر لطفاً وليونة في التعامل مع الزبائن من الذكور، وتنجز عملها بإتقان أكثر من الشباب، كما لا تبحث عن شروط خاصة كالتي يفرضها الشباب الذين يتركون العمل بمجرد حصول أي سوء تفاهم.
اليوم نجد فتيات داخل المخابز ومحلات بيع المواد الغذائية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها. أما أمل فهي التجربة الثانية لها مع مهنة البيع فقد عملت في محل للحلويات تقول: لم أتخيل أنني سأكون بائعة في محل حلويات، لكنني لم أجد عملاً آخر لأن مؤهلاتي العلمية متدنية، وتروي تفاصيل عملها اليومي: أعمل من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً.. في البداية كنت أبدو وكأنني أعمل رغماً عني، لكني، مع مرور الوقت، تأقلمت مع المهنة وأصبحت مصدر ثقة صاحب المحل الذي وثق بي وحملني مسؤولية فتح المحل وإغلاقه في حال غيابه، وعن استقطاب الزبائن قالت: الكثيرات لا يشترين حلويات إلا من محلنا بعد أن وجدن حسن الخدمة والنظافة والترتيب والأسعار المشجعة.
بين مؤيد ورافض
تضاربت آراء الزبائن فمنهم من يراها إهانة للمرأة، والبعض الآخر يراها عملاً يستوجب الاحترام، بينما عزت فئة أخرى من الناس عمل المرأة بائعة لسببين الأول حاجتها المادية نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة، وتالياً شهادتها العلمية التي قد لا تسمح لها بالعمل إلا بسقف البائعة.
فرضوان مثلاً يجد أن وظيفة المرأة تربية أولادها والاعتناء بمنزلها وعائلتها معتبراً أن عملها بائعة يسيء لعائلتها وخاصة إذا كانت تعمل لدى صاحب المحل أي «ليست مالكة للمحل».
بينما يجد سومر أن عمل المرأة بائعة يجعلها تنخرط في المجتمع وتكوّن علاقات اجتماعية مع سيدات مجتمع إضافة إلى تقوية شخصيتها وتجربتها من خلال التعامل مع ثقافات متنوعة. بدورها د. سمر علي- كلية التربية قسم علم الاجتماع قالت: عملت المرأة في مختلف المجالات والقطاعات في المجتمع السوري، حتى وصلت للعمل في مجالات كانت حكراً على الرجال زمناً طويلاً.. وساعدها التأهيل العلمي والمهني والتدريب والتمكين في كل ذلك.. ويعد مجال البيع والتجارة من المجالات التي نجحت فيها المرأة، برغم رفض بعض المجتمعات عمل المرأة بائعة خوفاً من تعرضها للتعامل مع شتى أنواع الشخصيات، الأمر الذي يحتاج القوة والدراية والقدرة على التعامل مع كل أنواع التحديات التي ترافق مجال البيع والشراء، لكن النظرة المجتمعية الرافضة لعمل المرأة في البيع قوبلت بالتحدي والشجاعة من قبل الكثير من النساء، بل أثبتت المرأة براعتها في المقايضة والمفاوضات بشأن الأسعار والبضائع والنوعيات.
وقد نجد في هذا المجال نساءً من مختلف المستويات التعليمية، فلا يقتصر الأمر على المستويات التعليمية الدنيا، ففي ظل انحسار سوق العمل وانتشار البطالة في صفوف الشباب.. اندفع كلا الجنسين للبحث عن أي فرصة عمل تؤمن الدخل الثابت.
ولا يعد الأمر خروجاً على التقاليد والأعراف لأن المرأة، ومنذ القديم، اقتحمت مختلف المجالات التي كان من المستحيل والصعب دخولها ونجاحها فيها، والأبعد من ذلك نلاحظ تقبل واعتياد العديد من المجتمعات – التي كانت أكثر انغلاقاً بالنسبة لعمل المرآة- لعملها في المجالات الجديدة ومنها البيع.
وما نعول عليه اليوم ولاسيما في مجتمعنا السوري هو تشجيع المرأة وتقديم كل ما من شأنه تمكينها لدخول أي من المجالات العلمية أو المهنية أو التقنية.. وعدم جندرة مجالات العمل وعدم التحيز أو التمييز الجنسي في بعض مجالات العمل.. ففي المكان الذي تستطيع فيه المرأة إحراز النجاحات.. تفتح لها الأبواب.

بانوراما طرطوس – تشرين

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات