بانوراما سورية- عبد العزيز محسن:
موجة جديدة من الغلاء ومن ارتفاع الأسعار الجنوني تجتاح أسواقنا المحلية أبطالها بعض التجار الكبار والصغار من أصحاب القلوب السوداء ويدفع ثمنها المواطن صاحب الدخل المحدود… وبالطبع هذه الموجة هي امتداد لموجات قديمة ومستمرة مترافقة مع ارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وازدادت حدة وقساوة بعد صدور مرسوم السيد الرئيس بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة، الأمر الذي يهدد بشكل فعلي بضياع الأثر الإيجابي للزيادة بالنسبة للموظفين وفي اشتداد معاناة الشريحة الأكبر من غير الموظفين وأصحاب الدخل المحدود…
الفوضى الكبيرة التي تشهدها الأسواق حالياً ليس لها مثيل حتى في اوج وذروة فترة الحرب المفروضة على سورية، أضف إلى ذلك موضوع الارتفاع الكبير في سعر الدولار… الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول الأسباب الحقيقية الخفية خصوصاً ان هناك الكثير من المعطيات الإيجابية الملموسة على أرض الواقع من بينها التعافي الأمني بشكل عام والتحسن الملموس للكثير من القطاعات الانتاجية بالتوازي مع استعادة الدولة لمعظم المناطق المحتلة من قبل قوى الإرهاب والعصابات المأجورة واندحار مشروعهم المدعوم من أعداء الشعب السوري.. الأمر الذي يقودنا الى تبني الفرضية القائلة بأن الأعداء انتقلوا إلى الخطة (ب) وهي التركيز أكثر على الحرب الاقتصادية ومحاولة خنق الشعب وتجويعه بطرق وأساليب خبيثة اولها تشديد الحصار والعقوبات الاقتصادية مروراً بالضغط على الليرة والمضاربة عليها ومحاولة استنزافها وانتهاءً بتناغم خططهم مع الدور الأسود للانتهازيين في الداخل والمساعدة -بقصد أو بغير قصد- في تنفيذ المخطط التخريبي بوسائل متعددة من بينها الجشع والاحتكار ورفع الأسعار بغير وجه حق ومحاربة الشعب بلقمة عيشه.. وهذا السيناريو بمجموعه هو الآن الأقرب إلى الواقع والحقيقة..
وإزاء ما يحدث.. ينتظر المواطن من الحكومة وأجهزتها المعنية بالشأن الاقتصادي والمعيشي مضاعفة الجهود لإيجاد حلول فعالة وسريعة لمواجهة هذا الخطر المحدق وهذه الحرب الجديدة، على أن تبدأ أولى الخطوات بمصارحة المواطن وشرح وتفسير ما يحدث بكل شفافية وموضوعية، ومن ثم إشراكه في الحل من خلال اتباع خطوات معينة ودعوته لانتهاج سلوك حذر في تعاملاته مع الحالة التسويقية والاقتصادية بشكل عام.. أما فيما يتعلق بالدور الرقابي على الأسواق فلا اعتقد أن الرقابة التموينية قادرة وحدها على ضبط الأسعار في مثل هذا الظرف المركب والمعقد حتى ولو تم تشديد الرقابة وحتى لو رُفعت العقوبات وعُلقت المشانق لمن يخالف كما يطالب البعض!… والأمر طبعا ليس بهذه البساطة بل يحتاج إلى “مواجهة اقتصادية” بشكل علمي ومدروس، وإلى تكاتف وتناغم دور الاتحادات الاقتصادية مع جهود الحكومة والخبراء وأهل الاختصاص والذين يُفترض انهم وضعوا خططاً مضادة طارئة وسريعة لمعالجة تداعيات ما يحدث سواء على صعيد حماية الليرة أو ما يتعلق بضبط الأسعار والأسواق وحماية المواطن من التداعيات الخطيرة لما يحدث….