تخطى إلى المحتوى

الحقيقة الصحية..! – زياد غصن

ثمة من يعتقد أننا قد مررنا سابقاً بمرحلة “كورونا”.. ومن دون أن نعلم ذلك، بالنظر إلى أن الفيروس في تلك الفترة كان مجهولاً عالمياً.
ويسوق معتقدو هذا الرأي، وعددهم يزداد، بعض الأمثلة الداعمة.. من بينها ما جرى تداوله سابقاً عن وجود وفيات جراء الإصابة بالتهاب ذات الرئة، وطبيعة موجات “الكريب” الشديدة التي أصابت عدداً ليس بالقليل من المواطنين..
لكن طالما لا توجد معلومات وبيانات إحصائية دقيقة عن طبيعة الأمراض، التي أصيب بها السوريون خلال الفترة الماضية، فكل ما سبق يبقى مجرد اعتقاد قد يكون صحيحاً وقد يكون غير ذلك..
والسؤال: من الذي يفترض أن يحسم ذلك الأمر بشكل علمي وموضوعي؟
المنطق يقول: إن الأبحاث والدراسات الصحية المعمقة هي التي يجب أن تبحث في كل الملفات والظواهر الصحية وأثرها على المجتمع، وتخرج بنتائج أو لنقل بحقيقة صحية تبنى عليها سياسات وقرارات وطنية تخدم صحة المواطن وسلامته.
إنما للأسف مثل هذه الأبحاث والدراسات غير موجودة، وإلا لكنا قرأنا بعض نتائجها في هذه المرحلة الحرجة، حيث يجهد المواطن للبحث عن أي معلومة خاصة بالوضع السوري، والتطورات المرتبطة بمواجهة فيروس كورونا..
أما لماذا نفتقد إلى مثل هذه الدراسات والأبحاث، فهذا مرده إلى ندرة المؤسسات البحثية الصحية العامة والخاصة.
فإذا كانت وزارة الصحة مقصرة بالأبحاث الصحية رغم وجود البنية المؤسساتية والبشرية اللازمة لذلك، فإن القطاع الصحي الخاص، أفراد ومؤسسات، إما هو مشغول بالسعي لتحقيق مزيد من الإيرادات والأرباح، أو إن المسألة العلاجية استحوذت على وقته كاملاً..
فمثلاً..
ما هو المشفى الخاص، الذي يبادر بين الفينة والأخرى إلى إعداد دراسة صحية عن ظاهرة ما أو عن حالة مرضية معينة في سورية، أو إنه يخصص بعضاً من أرباحه لدعم جهود البحث والدراسة؟
ومن هو الطبيب “المشهور” الذي يصرف جزءاً من وقته على المشاركة أو إعداد أبحاث علمية خاصة بالوضع الصحي السوري وتطوراته؟ ولاسيما أن سنوات الحرب على بلدنا حملت معها متغيرات وأخطاراً كثيرة تشكل مادة مهمة للبحث والتحقيق العلمي.
وحتى النقابات المهنية غائبة تماماً عن هذا الميدان، رغم أنه يفترض أن تكون حاضرة ومتابعة بقوة..
يعلم الجميع أن مسألة البحث العلمي هي بمنزلة “عصب الحياة” للقطاع الصحي، وتصبح أكثر أهمية عندما يكون البحث معنياً بالبيئة التي يعمل بها القطاع الصحي، إذ لا يمكن النجاح في بيئة “مجهولة” بالنسبة للطبيب والمشفى.. إلخ، كما أن الدولة لا يمكنها أن تبني سياساتها المستقبلية في المجال الصحي على افتراضات أو دراسات نظرية أو رؤى شخصية.
تشرين

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات