ارتفاع الأسعار يكاد يكون عاماً وشاملاً لجميع السلع، ولكن أسعار الملبوسات، لاسيما ألبسة الأطفال، قصتها مختلفة، حيث أن أسعارها أقرب إلى الخيال، والمؤكد أن لا أحد يشتري سوى المضطر هذا العام، حيث أكد جميع من استطلعنا رأيهم أن عملية الشراء لا تتم في حال وجود إمكانية للتأجيل أو الإلغاء، لكن في حال كان لا بد منه يضطرون للشراء متناسين ما كان يعرف بملابس العيد الجديدة مستلزماتهم، وقد أكد بعضهم أنهم  لجؤوا  إلى اقتراض المال بهدف شراء ملابس العيد لأبنائهم الذين ليس لديهم ملابس لهذا الموسم وليس لهذا العيد.

أم أنس ربة منزل  بدأت كغيرها من ربات البيوت بالتحضير لشراء مستلزمات عيد الفطر المبارك وتحديداً الألبسة، وهي عادة ما تستغل فترة ما قبل العيد تجنباً للارتفاعات الحادة في الأسعار التي يفرضها العرض والطلب، والتي تحصل قبيل العيد بأيام، إلا أنها لم تتمكن هذا العام من ذلك بسبب الحظر وإغلاق الأسواق في الفترة التي سبقت دخول شهر رمضان، وقد تفاجأت بحمى الأسعار والارتفاع الكبير فيها، وقالت إنها ذهبت لشراء ملابس العيد لطفلها وكانت المفاجأة بالارتفاع الحاد في الأسعار، وتحديداً ملابس الأطفال، حيث بلغ سعر الطقم الولادي ٢٥ ألف ليرة سورية والمواصفات عادية جداً، وهو إنتاج محلي وتؤكد إنها لولا الضرورة ما تسوقت ولا فكرت بشراء الملابس ولكن ولدها هو أكبر إخوته وليس لديه أخ أكبر  ليستعير منه، وملابسه السابقة لم تعد تناسبه فقد ازداد طوله ووزنه عن العام الماضي الأمر الذي اضطرها للشراء.

في حين تعرض محلات أخرى أطقم بناتية بسعر مماثل وتقول إن هوامش الربح التي فرضها التجار كبيرة وتتجاوز 50 في المائة في بعض الأحيان، حيث أنها قامت بشراء طقم بناتي لعمر 3 سنوات من أحد المحلات بسعر 16 ألف ليرة سورية بعد عناء، وكانت المفاجأة أن الطقم يباع في محل آخر بعشرة آلاف في إشارة واضحة استغلال بعض التجار للموسم.

وقال خالد أبو علي  موظف مبيعات إن غالبية المواطنين لديهم القدرة على التمييز بين الماركات التجارية رغم التشابه بينها مشيراً إلى أن نسبة البيع لا تتجاوز الخمسة بالمائة من المتسوقين في أغلب الأيام لكون العيد جاء بفترة بداية موسم ولم توفر المحلات الملابس الصيفية بشكل كامل حتى الآن، وتوقع ارتفاع نسبة المبيعات خلال الأيام القادمة رابطا ذلك باقتراب موعد العيد، حيث جرت العادة عند المواطنين أن يتم تأجيل عملية الشراء إلى آخر أسبوع من شهر رمضان المبارك. وأوضحت رامية أسعد موظفة مبيعات أن السوق يشهد إقبالاً من قبل المواطنين ويسير بوضع طبيعي وإن كان معظمهم يسأل عن الأسعار ولا يشتري حتى الآن، علماً أنها تتوافر أنواع البضائع كافة المناسبة لمختلف الأذواق مشيرة إلى أن أسعار الألبسة شهدت بعض الارتفاع نظراً لبداية الموسم وزيادة الطلب، ويرى آخرون أنه نتيجة لفترة الإغلاق التي شهدتها الأسواق.

وأكد أبو أكرم  صاحب محل أن مشكلة تباين الأسعار بين محل وآخر ترتبط بملكية بعض تجار الجملة والمستوردين لمحلات البيع بالمفرق حيث يقومون أحياناً بالبيع بأسعار أقل من سعر السوق إضافة إلى اختلاف نوعية البضاعة وجودتها، كما أن توفر كميات كبيرة من البضاعة له دور كبير في فرق السعر مشيراً إلى توفر بضائع من أسواق عربية وأجنبية مختلفة إلى جانب البضاعة المحلية.

واشتكى أحمد الرفاعي (صاحب محل) من تصرفات بعض أصحاب المحلات وطرق المنافسة التي يتبعونها في حرق الأسعار – حسب قوله – من خلال التنزيلات الوهمية التي يقومون بها موضحاً أنه لا يوجد تاجر يخسر في موسم التنزيلات وإنما يقدر سعر التكلفة مضافاً إليه 50 بالمائة نسبة ربح على أقل تقدير وغالباً ما يقومون بذلك بهدف بيع بضاعة متراكمة لديهم أو للتخلص من البضاعة التي لا يوجد عليها طلب، وقال إن المنافسة أيضاً تشتد بين التجار في فترة الأعياد من خلال تخفيض الأسعار لدى البعض وتقليل نسبة الربح وفي جميع الحالات لا يقل عن 200بالمائة.

ودعا أحد التجار – طلب عدم نشر اسمه – الجهات المختصة إلى مراقبة أساليب الغش التي يتبعها عدد من أصحاب المحلات والتي تمس المستهلك، مبيناً أن من بين تلك الأساليب تقليد صناعات بعض الدول الأجنبية سواء كان ذلك داخل بعض المشاغل المحلية أو الأجنبية وبمواصفات معينة وحسب الطلب وقيامهم بوضع ماركات معروفة عليها لإيهام المواطن بأنها صناعة أصلية حيث أن أعداداً قليلة من المواطنين تستطيع تمييز تلك البضاعة وأغلبهم يقع ضحية تلك الممارسات بعد أن يدفع فرق السعر كبيراً لتلك البضاعة، خصوصاً في موسم الأعياد.

وأكدت سعاد عبد الله ما ذكره أحد التجار وقالت إنه نتيجة لخبرتي في تمييز نوع البضاعة وجودتها الذي اكتسبته من خلال الشراء المستمر من بعض المحلات المتخصصة ببيع البضاعة الأصلية اكتشفت أن عدداً من المحلات تقوم ببيع البسة مقلدة على أنها صناعة أصلية لا سيما الألبسة والأحذية الرياضية، وعليها ما يدل أنها من صنع تلك الدولة، وأحياناً لا يوجد ما يدل على مكان صناعتها وتباع بذات الأسعار للبضاعة الأصلية.

وقالت إن بعض الصناعات تتميز بدقة وصناعة تشابه إلى حد كبير الصناعات الأصلية مما يصعب على غالبية المشترين اكتشافها إلا بعد الاستعمال.

أحمد الزعيني موظف قال إنه يقوم قبل الشراء بجولة على الأسواق للتعرف على الأسعار وقال إنه يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد لذلك فهو مضطر للقيام بجولته للاستفادة من فرق الأسعار بين سوق وأخرى وبين محل وآخر، ولفت إلى ارتفاع الأسعار وتشابهها لبعض أنواع الملابس في عدد كبير من المحلات رغم اختلاف مكان صناعتها وجودتها، وأضاف إنه نادراً ما كان البائع يوضح الفرق بين الملابس المتشابهة والمختلفة المنشأ وأغلب التجار يدعون بأن بضاعتهم أصلية المنشأ حسب قوله.

واشتكت أم عمر من عدم توفر الألبسة التي ترغبها في كثير من المحلات حيث أصبح التركيز على توفير الملابس الأعمار الصغيرة والمتوسطة وبأسعار عالية حسب قولها.

وطالب مواطنون بتحديد الأسعار لحمايتهم من الاستغلال والحد من الارتفاع المستمر لها والذي يصل بحسب بعض التجار إلى أكثر من خمسة أضعاف الربح الطبيعي، وأكد بعض التجار أن استغلال عدد من أصحاب المحلات لمواطنين أدى إلى تراجع مبيعات سوق الألبسة بشكل عام مشيرين إلى أن المواطن  يساعد في رفع الأسعار وخصوصاً خلال فترة الأعياد بسبب تأجيل الشراء إلى وقت محدد غالباً ما يتركز خلال الأسبوع الذي يسبق العيد ما يجعلهم مضطرين للشراء وبأسعار مرتفعة.

يذكر أن أسعار ملابس الأطفال مرتفعة عالمياً، حيث أن هذا الارتفاع يأتي ليس بسبب جودة المادة الخام المصنوعة منه وإنما يعتمد الأمر على فرق التصنيع والجهد المبذول في عملية التصنيع.

كما أن ملابس الأطفال مطلوبة أكثر من غيرها نظراً لحاجة الأطفال للملابس كل موسم، وأشارت  منى علي وهي تعمل في تفصيل ملابس الأطفال إلى أن عملية البيع يجب أن تكون في إطار تحقيق هامش ربح بسيط وليس استغلال حاجة المواطن لشراء الملابس التي يحتاجها لأطفاله من خلال فرض أسعار غير عادلة،

وبينت أنها تتلقى في هذه الأيام شكاوى من المواطنين حول ارتفاع أسعار الملابس ومستلزمات الأعياد، الأمر الذي يدفع بالكثير منهم إلى تفصيل ملابس عوضاً عن شرائها جاهزة، مؤكدة على ضرورة أن يتكافل الجميع من أجل وقف ارتفاع أسعار احتياجات العيد حتى تتمكن الأسر الفقيرة من شراء الملابس والأحذية لأطفالها الذين غالباً ما يمضي عليهم فترات طويلة دون شراء أية ملابس جديدة وإن فترة العيد بالنسبة لهم تعتبر الفترة المناسبة لشراء احتياجاتهم.

بانوراما سورية- الوحدة- هلال لالا