تخطى إلى المحتوى

قرار إلغاء ” قيصر” فاتحة لإمكانات ضخمة كانت مقيدة لعقود مضت

سامي عيسى

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عامر شهدا  أن قرار الكونغرس الأمريكي بإلغاء قانون قيصر خطوة تاريخية ستفتح مرحلة جديدة للاقتصاد السوري، وانعطاف كبير نحو الانفتاح الكلي على العالم الخارجي، وامتلاك مفاتيح الحلول لمعظم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها سنوات الحرب، والحصار الاقتصادي والعقوبات التي أثقلت كاهل القطاعات الانتاجية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

لكن هذا القرار لا يشكل حلاً سحرياً للاقتصاد السوري  ومشاكله العميقة، بل يرتبط التأثير الاقتصادي الفعلي بتحقيق عدد من المتطلبات والمكاسب المحتملة، كما يتعرض لتحديات جسيمة.

خبير اقتصادي: يحتاج إدارة ذكية للعلاقة مع العالم الخارجي و يضع القطاع المصرفي على عتبة تحول جذري من الشلل نحو الفاعلية

القرار فاتحة لإمكانات  اقتصادية كبيرة

وأضاف ” شهدا” أن قرار الإلغاء يشكل فاتحة لإمكانات ضخمة كانت مقيدة لعقود من الزمن، تبدأ من إعادة الاندماج المالي العالمي:  حيث يمثل ذلك المحطة الأهم، و سيسمح بربط النظام المصرفي السوري بمنصات التحويل العالمية (مثل سويفت)، واستئناف المعاملات المصرفية الدولية، إلى جانب تسهيل حركة التجارة والاستثمار الذي بدوره سيخفف الارتباك الذي كان يحد من عمل شركات النقل والتأمين والتجارة العالمية مع سوريا، ما يخفض تكاليف الاستيراد ويعزز فرص التصدير، ويفتح الباب أمام جذب الاستثمارات الضخمة، و تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع دول وشركات أجنبية، والتي تصل قيمتها لنحو عشرات مليارات الدولارات، خاصة في قطاعات إعادة الإعمار والطاقة والبنى التحتية التي كانت محظورة بموجب العقوبات.

دون تجاهل استقرار قيمة العملة المحلية التي تحتل الجانب الإيجابي الأهم في هذا التأثير لقرار رفع العقوبات وقيصر.

تحديات داخلية وبنيوية

القرار في حدّ ذاته يعدّ نقلة نوعية في العلاقات، وفرصة غير مسبوقة، لخروج الاقتصاد السوري من حالة الضعف بسبب سنوات الحرب والفساد وغيرها، لكن ثمة تحديات داخلية تتعلق بالهيكلية الداخلية العميقة التي أنهكت الاقتصاد السوري على مدى عقود، مثل:ضعف القطاعات الإنتاجية الأساسية (زراعة وصناعة).

وبالتالي القرار يُعد بارقة أمل اقتصادية حقيقية تخلق ظروفاً أكثر ملاءمة للتعافي، لكن تحويل هذه الفرصة إلى نمو شامل ومستدام يحتاج إلى إرادة إصلاحية داخلية قوية، وإدارة ذكية للعلاقة مع الشروط الدولية، وجهد كبير لبناء الثقة لدى المجتمع الدولي والمستثمرين، من دون ذلك قد تتحول الفرصة إلى نافذة مؤقتة لا تغير الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه السوريون.

نقلة نوعية للقطاع المصرفي السوري

أما فيما يتعلق بالقطاع المصرفي يرى” شهدا أن قرار إلغاء قانون قيصر يُعدّ حدثاً حاسماً بالنسبة للقطاع المصرفي والنقدي في سوريا، حيث يفتح الباب أمام نقلة نوعية من العزلة الدولية نحو إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي.

وتحقيق المزيد من الإيجابيات على صعيد العمل المصرفي والنقدي في سورية وهذه مرهونة بمدى الاصلاحات الداخلية  في مقدمتها :

  • عودة النظام المالي السوري إلى شبكة “سويفت” العالمية، فتح حسابات للبنك المركزي السوري في البنوك المركزية لدول مثل كندا والإمارات، تسهيل حركة التجارة والمدفوعات والتحويلات الدولية بشكل كبير.
  • تحسن في قدرة المصرف المركزي على إدارة السياسة النقدية وتنظيم السيولة، والتركيز على تحسين إدارة السيولة باستخدام أدوات نقدية أكثر فاعلية لدعم استقرار سعر صرف الليرة السورية، مع توقعات بانخفاض التضخم من 170% إلى نحو 15%.
  • تخفيف حالة الالتزام المفرط من قبل البنوك الخارجية، تدفق رؤوس الأموال عبر التحويلات والاستثمارات المباشرة لدعم إعادة الإعمار، و توقع أن يكون القطاع المالي المستفيد الأول من رفع العقوبات.
  • دفع المصارف لتحديث بنيتها واعتماد معايير دولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني، خطة لزيادة عدد المصارف إلى 30-35 مصرفاً بحلول 2030.

السياسة الاجتماعية

أما التأثيرات الإيجابية على الناحية الاجتماعية، فيؤكد ” شهدا” أن إلغاء قانون قيصر سيؤدي بالضرورة إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين السوريين، فزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، ما سيقلل من معدلات البطالة، كما سيؤدي إلى تحسين الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم، و تحسين مستوى المعيشة  بشكل عام.

خلاصة القول

وبالنتيجة فإن الاستقرار النقدي مرهون بالسياسات المحلية: بينما يزيل القرار ضغوطاً كبيرة، فإن استقرار الليرة ومكافحة التضخم يعتمدان في النهاية على فعالية السياسات النقدية والمالية المحلية ومدى انضباطها.

باختصار؛ يرى” شهدا”، أن قرار إلغاء “قيصر” يضع القطاع المصرفي السوري على عتبة تحول جذري من الشلل نحو الفاعلية، ولكن رحلة التعافي لا تزال طويلة وتعتمد بشكل حاسم على الإرادة الإصلاحية الداخلية لتحويل هذه الفرصة التاريخية إلى واقع دائم.

الحرية

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تابعونا على فيس بوك

مقالات