كان هذا في أواخر السبعينات يوم كانت القرية ريفا بكل ما للكلمة من معنى وقبل أن يتمدد ويزحف إليها العمران والتي أضحت أشبه بمدينة بلا تمدن….. في أطرافها كان يوجد أرض مشاع مليئة بفاكهة الصبر (الصبار) والدوالي والتين رغم ادعاء بعض الطامعين ملكيتهم لها.
أما الصبي الذي كان يملء سلته (تنكة) من تلك الخيرات كبقية أقرانه وهو الذي كان يكبرني بقليل أذكر الحادثة كما لو كانت أمامي الآن.. أحد الظلمة الذين يتلذذون بأذى الناس وهي النتيجة التي توصلنا إليها بحكم قرائتنا المتواضعة لما قاله فرويد وعياداته النفسية. ما أن شاهد الصبي وثمار تعبه حتى بدأ بالسب والشتم وكالأحمق ركل السلة برجليه موجها له أقزع العبارات النابية وكان لأمه الحصة الأكبر من الشتائم أما ردة الفعل هي البكاء والنظر بحسرة لجهد ضاع سدى وهو الذي كان يظن ويتوقع عكس ذلك من عطف وأبوة وشفقة…… ولنفترض أن الرزق والأرض ملك لذاك الشتّام فما فعله لا يليق بمن يفترض أنه من (عليّة) القوم والذي بقي الناس لعقود وما تزال (تقبّل يديه) مهابة وتعظيم والمفارقة وهنا المضحك المبكي أنه لم يترك فرصة إلا وتآمر فيها على الفقراء والبسطاء…… أعرف أن هذا النوع من الحكايا والرجال كان منتشرا على نطاق واسع في ريفنا الجميل وإن بصيغ وعناوين مختلفة……. أما الصبي بطل الحكاية فهو الآن من أنجح أقرانه علما وسلوكا وهو الأكاديمي المتميز والخلوق……. صادفته منذ فترة وتذكرنا الحادثة من باب المزح والنكتة فقال لي: في تلك الأيام وبسبب من الجهل والخوف والإنغلاق يمكن أن نجد عذرا للناس أما ونحن في الألفية الثالثة والعالم أصبح كقرية عالمية واحدة ومفتوحا على بعضه بلا حدود وقيود فما هو عذر الناس للإستمرار في الإنقياد واستنزاف القدرات المادية والعقلية تحت عناوين واهية لم ينزل الله بها من سلطان؟!!!!!!!
فكان جوابي: “لايغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
- الرئيسية
- مقالات
- “لايغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”- بقلم كفاح عيسى
“لايغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”- بقلم كفاح عيسى
- نشرت بتاريخ :
- 2015-08-18
- 12:42 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك