يحتاج جميع المنتجين لتسوُّق مستلزماتهم سواء أكانت من منتج محلي أم مستورد ، وأيضا يحتاجون إلى تسويق منتجاتهم ، عبر سوق داخلية أو خارجية تستجرها ، وأية معاناة يتعرض لها المنتج في حالتي التسوُّق أو التسويق تنعكس على كمية ونوعية وأسعار المستلزمات والمنتجات ، نظرا للترابط الكبير القائم بينهما ، و من المعهود أن كثيرا من المنتجين – زراعيا أو صناعيا – يعانون بين حين وآخر من خلل في تراتبية تامين معدات ومستلزمات الإنتاج ، أكان بسبب ضعف كمية أو نوعية السلعة أو ارتفاع السعر ، أم ضعف السيولة النقدية المتوفرة ، ما يؤثر فى إنتاجهم كمية ونوعية وسعرا ، والتزاما بطلبات المستجرِّين ، فعلى سبيل المثال نرى العديد من مزارعي الزراعات المحمية يشكون من ضعف جودة البذار وارتفاع أسعاره ، و مربي الفروج يشكون من تذبذب توفر الصوص نوعية وكمية وسعرا ، ومن غلاء العلف وخلل نوعيته ، وأيضا يعاني هؤلاء المنتجون بين حين وآخر من ضعف الإنتاج كمية ونوعية ، في ضوء ضعف كمية ونوعية المستلزمات والمتطلبات المتاحة ، وأيضا كثيرا ما يعاني المنتجون من صعوبات في تصريف ( تسويق ) الإنتاج ، فتارة تتوفر فرصة تسويق المنتج بسعر مرتفع يحقق أرباحا كبيرة أو مقبولة ، نظرا لانخفاض الإنتاج قياسا إلى حجم الطلب ، أو نظرا لتوفر فرصة تصديره للخارج بحجم يتناسب مع كمية الإنتاج وكلفته ، ولكن غالبا ما يكون ذلك متبوعا بموسم لاحق يعانون به من ضعف التسويق وانخفاض الأسعار نظرا لازدياد الكمية عن حاجة السوق ، أو لعدم توفر التصدير أو لاستيراد المنتج نفسه أو منتج مماثل له من الخارج ، ما يجعلهم يبكون أكثر مما يضحكون، ونتيجة لهذه المعاناة خرج الكثير من المنتجين ، من ميدان الإنتاج ، نظرا لما لحق بهم من خسائر كبيرة ، وجعلت الكثيرين حذرين من الإقدام على ذلك ، ما أدى إلى ارتفاع متتابع في أسعار هذه المنتجات خلال السنوات الماضية ، و ينطبق ذلك على العديد من المنتجات الأخرى الزراعية و الصناعية.
أين رجال الأعمال من إحداث شركات كبرى ذات طابع إنتاجي وتجاري معا ، تُعنى بتامين المستلزمات وتسويق المنتجات لمجموعات من المنتجين ، لمادة أو عدة مواد ذات ترابط فيما بينها ، تضمن للمنتج دخلا يغطي عائد رأسماله المستثمر من خلال تجنيبه أية خسائر نتيجة ما يعترضه من معوقات أو اختناقات في تأمين مستلزماته وتصريف منتجاته ، بغية تمكين المنتجين القدامى من الاستمرار ، والتشجيع لدخول منتجين جدد في الإنتاج ، حال تبين مردودية ذلك اقتصاديا ، والحاجة ماسة إلى أن تكون هذه الشركات تعددية ، أي من جميع القطاعات الاقتصادية/ عام – خاص – تعاوني – مشترك / ، وهنا يبقى من الجائز التساؤل لماذا لم يقم الكثير من المنظمات والاتحادات الموجودة / اتحاد الفلاحين – اتحاد الحرفيين – اتحاد الصناعات الهندسية – اتحاد الصناعات الكيميائية – اتحاد الصناعات الغذائية – المؤسسة العامة للدواجن – المؤسسة العامة للثروة السمكية – المؤسسة العامة للمباقر- إلخ………. / بهذا الدور ، وخاصة وأن كثير منها تنص أنظمتها الداخلية على ذلك ، وقد سبق لبعضها أن مارس هذا الدور لبعض الوقت ، ولا يزال بعضها يمارس ذلك إلى حد ما ، ولكن دون المستوى المطلوب ، ما يوجب عليها أن تستنهض الدور المنوط بها عبر هيكلياتها الكبرى والصغرى المركزية والفرعية ، باتجاه ضمان توفر جميع مدخلات ومخرجات الإنتاج بسعر اقتصادي ، لجميع المنتجين المنضوين في هذه التنظيمات الموجودة والتي سيتم إحداثها ، بما يحقق ريعية لكل منتج تتناسب مع رأس المال الذي يستثمره ، بشقيه الثابت والنقدي المتداول.
من الجدير الإشارة إلى أن اتحاد الحرفيين قد ساهم في تأمين بعض مستلزمات الحرفيين من خلال الجمعيات الحرفية التي ينتسبون إليها ، وأيضا لا يزال اتحاد الفلاحين يساعد في تأمين بعض مستلمات الفلاحين من بذار وأسمدة ، وتأمين نسبة من العلف لمربي الماشية ، وسبق أن قام بتسويق بعض منتجات أعضائه ومنها موسم التفاح ، ولكن الحاجة ماسة إلى توسيع دور هذه المنظمات القائمة في خدمة أعضائها من جهتى تسوُّق المستلرمات وتسويق الإنتاج ، ودخول القطاع الخاص والمشترك هذا الميدان عبر شركات كبرى ، علما أن هذه الشركات حاضرة في بعض البلدان العالمية ، وتضمن لكل منتج يتعامل معها توفر جميع مستلزماته وتصريف جميع إنتاجه ، وتحقيق دخل متوازن يغطي أتعابه وعائدات رأسماله المستثمر.
عبد اللطيف عباس شعبان /عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
المقال منشور في صحيفة البعث ليوم الجمعة 20 / 11 / 2015 – ص/ 3 / من العدد / 15446 /