عبد الرحمن تيشوري / جندي اداري سوري / خبير تخطيط الادارة العامة
احد برامج ومكونات الخطة الوطنية للتنمية الادارية
لمحة عامة مع رؤية وتشخيص ومقترحات للتطوير
أطلقت الحكومة السورية الحالية عملية إصلاح شاملة للإدارة العامة كدعم للإصلاح الاقتصادي واعادة اعمار ماتهدم عبر احداث وزارة متخصصة اسندت الى الوزير الخبير الدكتور النوري. وتوجد الخطوط العريضة للإصلاح الإداري في الخطة الجديدة المقترحة (2015 – 2019) التي أقرتها الحكومة وقدمها الوزير النوري ووافقت عليها القيادة السورية.
تضمنت المرحلة الأولى تحديد المشاركة في المسؤوليات بين الوزارات (“آلة الحكومة”) التي نتجت عن قرار الحكومة حول التحديد الواضح لصلاحيات كل وزارة. وتبعاً لهذا القرار، وضعت الوزارات خططاً لإعادة تنظيم لنطاق صلاحياتها على أساس الصلاحيات المحددة عملياً في المرسوم الجديد الذي يقضي بمراجعة الانظمة الداخلية والهياكل التنظيمية وكذلك يقترح احداث مديريات التنمية الادارية، وعملية إعادة التنظيم هي قيد التنفيذ وفق مرسوم مهام وزارة التنمية الادارية الجديد.
من الأهداف بعيدة ومتوسطة الأمد للحكومة في الخطة الوطنية للتنمية الادارية (مدة الخطة 5 سنوات)، الدعوة إلى اعتماد أسلوب جديد للإدارة المالية مدعوماً بنظام مالي موحد يتيح ضبط النفقات والقيود والحسابات على مستوى كل مديرية، كما تتضمن الخطة فصلاً خاصاً عن “السياسات الاقتصادية ومكونات عملية الإصلاح الاقتصادي” (الفصل)، يقدم هذا الفصل مفهوماً جديداً في عملية الإصلاح من خلال إطار سياسة اقتصادية يتناول ميدانين إصلاحيين أساسيين من أجل إصلاح هيكلية السياسة الاقتصادية، هما السياسة المالية العامة والسياسة النقدية.
تؤكد الخطة بشكل خاص إلى الحاجة لترشيد الإنفاق الحكومي، وذلك بشكل أساسي في ثلاث مجالات هي، الإدارة العامة، الدعم الحكومي، والشركات الحكومية، وفي حال استمر التوجه الحالي للحكومة حيث لم تحقق في مجال الإنفاق الاستثماري سوى 70{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} مما هو مخطط له، بينما تجاوز الإنفاق الجاري الحدود الموضوعة في الخطة فإنه سيتسبب في المستقبل بإشكال في تحقيق التوازن عند قطع حسابات الموازنة.
تعلن الخطة الادارية الجديدة هذا الموضوع بوضوح “.. من خلال الدعوة لتطبيق الإدارة الرشيدة” حيث حددت الخطة فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي قدرات الموارد البشرية كواحدة من التحديات الأساسية في المستقبل القريب، والنقطة الأساسية في هذا التحدي هو النقص الحاصل في المهارات الإدارية والمهنية، والإنتاجية المنخفضة لهذه الموارد، وأن مجرد صرف المكافآت لم يحقق حوافز كافية للعمل.
- “تفتقد إدارة (الضرائب) الحالية إلى الكفاءات والمهارات لدى كوادرها إضافةً إلى تطبيق أساليب الإدارة الحديثة”.
- “… ما تزال مؤشرات رأس المال البشري في سورية منخفضة، حيث لم يطور النظام التعليمي قدراته، ولا مناهجه ولا كوادره ولا مستوى الطلاب ليتلاءم مع التطورات المهنية والعلمية، وهذا ما أثر سلباً على مستوى الكوادر البشرية ومهارات القوى العاملة، وينطبق ذلك على القطاع الصحي، بالرغم من توسع حجم الاستثمار في هذا المجال، فإن عامل الجودة ما يزال مهملاً، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة وأداء الأفراد، وهذا أدى إلى جعل كلاً من قطاعي الصحة والتعليم من أهم الجوانب ضمن عملية الإصلاح في الخطة الوطنية للتنمية الادارية إلى جانب القطاعات الخدمية الأخرى”.
- “…ما زالت تتدهور فعالية الاستثمار من قبل القطاع العام بسبب، الإنتاجية المنخفضة، المعوقات التقنية، عدم تجديد واستبدال المعدات المستخدمة في القطاع العام، تدني مستوى المهارات الإدارية، تدني المحاسبة، ومن الواضح أن هذه العوامل قد أثرت سلباً على كافة القطاعات وليس فقط على القطاع العام”.
- ما تزال هيكلية الأجور (متوسط الدخل) في القطاع العام ضعيفة ولا تحفز العاملين على العمل وهنا المعضلة بالنسبة للسياسة المالية: ففي حين هناك حاجة ملحة لزيادة متوسط الرواتب، فإنه بالمقابل توجد حاجة مماثلة لترشيد صرف الرواتب وبشكل خاص معالجة ظاهرة فرط التوظيف وترشيد الإدارة في القطاع العام.
تطرح الخطة كقضية ملحة، ليس فقط المشكلات التي تسبب بها “ضعف الكفاءات البشرية في المجال المالي”، ولكن أيضاً المشكلات الهيكلية على المستوى الحكومي مثل ضعف التنسيق وعدم وضوح حدود المسؤوليات:
رغم التركيز بشكل خاص على مشروع إصلاح الإدارة العامة فإن الاستراتيجيات المتبعة وأهداف الخطة الوطنية للتنمية الادارية المتعلقة بإصلاح المالية العامة سيكون لها تأثير غير مباشر على مشروع إصلاح الإدارة العامة، وبشكل عام فإن الكثير من إصلاحات المالية العامة تتم بالتوافق مع الإصلاحات التي تطبق في مجال الوظائف العامة: “يجب أن تتم إدارة الإنفاق الحكومي بشفافية وأن تكون عرضة للمحاسبة، وأن تبنى القرارات المتعلقة بتوزيع الموارد، والإنفاق العام، وإعداد الموازنة على أساس علمي هادف”.
ترتبط الإصلاحات (وخاصة في المالية العامة) مع إصلاح النظام الضريبي (على سبيل المثال تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة (VAT) التي تعدل بشكل ذاتي، وتبسيط الضرائب، وإلغاء الضرائب التي لا تحقق إيرادات مالية جوهرية، تشريع ضرائب جديدة مثل الضريبة على الثروة وتعزيز جباية الضرائب الموجودة التي تحقق إيرادات كبيرة لخزينة الدولة)، بالإضافة إلى ضبط الإنفاق العام من خلال اعتماد أساليب جديدة في حساب ومراقبة وتنفيذ وإعداد الموازنة، وإصلاحات تحقق سياسة نقدية قوية تدعم التنمية الاقتصادية من خلال تقليص الاتفاق غير العقلاني، كالنفقات التي تتعلق بالدعم الحكومي وليس أقلها إعادة بناء الشركات الحكومية وخاصة الخاسرة منها التي”تفترس موازنة الدولة”، وفي نفس الوقت وتتمةً لتلك الإصلاحات المالية ذات الطبيعة الفنية، فإن الخطة الادارية النورية / نسبة الى الدكتور النوري / تدعو لاعتماد معايير في حال طُبقت سيكون لها تأثير مباشر على الإدارة العامة ككل مثل تطبيق مبادئ جديدة لتنظيم الإدارة وأسلوب تقديم الخدمات وأُعطيت أهمية خاصة للجوانب التالية:
- تدريب الكوادر الحكومية.
- اعتماد آلية فاعلة لزيادة المحاسبة والشفافية في القطاع المالي العام.
- التحديث من خلال زيادة استخدام المعلوماتية.
- اعتماد مؤشرات للأداء (في وحدات معينة على أن يجري تعمميها في مرحلة لاحقة).
- ربط الحوافز بالإنتاجية وإصلاح نظام صرف المكافآت وفق ما يلي:
- إعادة تقيم الإنفاق العام وفقاً لتحسن فعاليته.
- اعتماد تحليل الكلفة/المنفعة في الإنفاق الحكومي.
- اللامركزية (عدم التمركز) في الإدارة المالية العامة حيث تقوم المحافظات بتقديم خدمات للمواطنين (معظمها إن لم يكن كلها)، كانت تقدم من قبل الحكومة المركزية سابقاً.