تخطى إلى المحتوى

عن أي تكريم يتحدثون..؟!!

 12592602_1268728623157096_6059531152622723403_nبانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:

بداية لا بد من التأكيد بأن الشهداء وذويهم لا يحتاجون إلى تكريم فهم مكرمون بمجرد حصولهم على هذه المكانة التي تصل إلى درجة القداسة.. وبذلك هم من يمنحنا التكريم والبركة حين الالتقاء بهم أو عند الحديث معهم أو عنهم.. ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الحرب إلا أن الدولة لم تتمكن من ايجاد الوسيلة أو الآلية المناسبة لإيصال الدعم والتبرعات المادية والعينية إلى ذوي الشهداء والجرحى بطريقة حضارية ومشرفة، كما لم تفعل شيئاً لوقف أو ضبط ما يسمى “حفلات التكريم” التي تقام برعاية رسمية للأسف وما يرافقها من تجاوزات ومتاجرة مكشوفة في هذا الملف الوطني الكبير..

“دماء الشهداء وأسر الشهداء هم أمانة في أعناقنا” هذه هي العبارة هي الأكثر تداولاً في هذه الحفلات وحملات التبرع والتكريم.. ولكن عن أية أمانة يتحدثون وهم يمارسون هذه “الإهانة والذل” بحق الشهداء وأهلهم تحت ضغط الحاجة والعوز.. وعن أية أمانة يتحدثون وهم يشهرون ذلك “الظرف” في وجههم وأمام عدسات الكاميرات.. وعن أي أمانة يتحدثون وهم يمارسون أسلوب التمييز بين الشهداء حين اختيار الأسماء “المكرمة”.. وعن أي أمانة يتحدثون وهم يستجدون باسم الشهداء للحصول على الدعم والتبرع من أصحاب الفعاليات!.. وعن أي أمانة يتحدثون وهم يجلبون أهل الشهيد من الأرياف البعيدة إلى مركز المدينة ليستعرضوا أمامهم وبالكلمات المنمقة والعبارات الوطنية الرنانة ويعطونهم دروساً في معنى الشهادة والبطولة وهم الأصل والفصل.. فعن أي أمانة يتحدثون وعن أي تكريم وعن أي اهتمام ورعاية؟؟ فتكريم أهل الشهداء هو قبل كل شيء هو احترام لخصوصياتهم ومشاعرهم وحقوقهم وهناك طرق ووسائل كثيرة يمكن اعتمادها لإيصال هذا التكريم إلى مستحقيه..

 بالتأكيد لا اتحدث بمثالية ولا بكلام بعيد عن الواقع بل هو حديث الناس وأهالي الشهداء في كل مكان.. وهذه القضية هي قضية مجتمع وقضية أخلاق.. وهي قضية وطنية بحجم الوطن وجراحه وآلامه ومعاناة مواطنيه.. فبرغم إننا نحتاج إلى تضافر جهود الدولة مع جهود المجتمع الأهلي وبالتحديد مساهمة الأيادي البيضاء في هذه الظروف المعيشية الصعبة لكننا ايضا نحتاج لإيجاد الآلية المناسبة- وهذه مسؤولية الدولة- لإيصال هذا الدعم بطريقة صحيحة لا تؤذي المشاعر ولا تسبب إحراجاً أو أي مشقة.. وهنا من واجبها ايضا ايجاد طريقة مناسبة لتقديم الشكر والتكريم المعنوي للمساهمين والمتبرعين من أهل الخير تقديراً وتشجيعاً لمبادراتهم الوطنية والإنسانية.. علماً أن الكثير ممن يقدمون هذا الدعم لا يشترطون إقامة حفلات ولا الإشارة إليهم وذكر أسمائهم، وإنما كل ما يتمنونه هو أن تصل مساهماتهم بكل أمانة إلى مستحقيها.. وأنا أعلم أن الكثير ممن كانوا يقدمون التبرعات اصبحوا اليوم غير متشجعين لتقديم المزيد بهذه الطريقة بعد حدوث حالات كثير من الفوضى والتجاوزات!!.

وهنا لا بد من التنويه بأنه لا يجوز التعميم وهناك الكثير من الشخصيات الوطنية كان لها دوراً هاماً في بلسمة الجراح وتقديم العون لأسر الشهداء والجرحى بكل أمانة ومسؤولية، ولكن بالمقابل هناك قسماً كبيراً من العاملين في هذا الملف هم ممن لديهم غايات أخرى غير بريئة.. ونحن هنا لا نلوم هؤلاء الأشخاص بقدر ما نلوم الدولة من خلال تقصيرها في إدارة هذا الملف الوطني والإنساني الكبير..

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تابعونا على فيس بوك

مقالات