يأتي في الصباح كشمس مشرقة تنبئ بكثير من الحياة .. تحضنه بقوة و تضمه إلى صدرها فيضجر و كأنها قد قيدت فضاء أحلامه فيبعد يديها عنه و يركض .. هو كالماء لا سبيل للامساك به … يبحر في ركنها الهادئ ويحوله في دقائق معدودة إلى فضاء لا حدود له من الضجيج و تلك الأوراق البيضاءالمرتبة بأناقة تتحول إلى طائرات بيضاء متبعثرة في أرجاء الغرفة .. يصعد كأرنب صغير إلى دلك السرير لتتمكن يديه الصغيرتين من الوصول إلى الجدار و تمزيق صورة لليل دمشق الساحر وفي تمزيقها يحول تلك الأضواء الدمشقية البعيدة إلى ظلمة و خوف و حرب … يمزقها دون أن يعلم بأنه يعطي صورة شبه حقيقية للواقع … يستمر في رحلة الخراب مثل سهم لا يحدد وجهته و لاشئ يردعه حتى صراخها العالي ووعودها القطعية له بالعقاب … معه لا سبيل للاستمتاع بصوت فيروز صباحآ و لا مكانآ للهدوء و قراءة كتاب في الظهيرة … معه لا سبيل سوى للفوضى … و بعد رحلة عناء كاملة يأتي الليل فيسدل عينيه الجميلتين الشبهتين بنجمتين في السماء … يغفو ليس بإرادته بل رغمآ عنه فتغفو هي بجانبه … تغفو هي أيضآ ليس بإرادتها بل رغمآ عنهابعد رحلة الشقاء التي عاشتها معه طيلة النهار … تغفو بسرعة على غير عادتها فلا تلبث أن تصحو على أصابع يديه تشق طريقهما في عينيها فتنظر إليه و تتبسم … يبادلها الإبتسامة و يكمل نومه … أما هي فتبقى تراقب أنفاسه و تعدها … تبقى ساهرة لتحرس أحلامه … تضمه بقوة من دون أن يضجر مستسلمآ لنومه … تشتم رائحة الملائكة من خلال عناقه … تمر الأيام ويأتي موعد رحيله تشعر و كأنه قد تم اقتلاع قلبها من مكانه …و كأنها كانت تملك ناطحات سحاب و فجأة قد أضحت بلا مآوى …بلا سقف يحميها … يرحل مع أمه و يعود صوت فيروز للتحليق وحيدآ في أرجاء الغرفة …وتعود من جديد تلك الأوراق إلى أناقتها المعهودة ….
- الرئيسية
- ثقافة
- أم بالفطرة و لأيام معدودة ….
أم بالفطرة و لأيام معدودة ….
- نشرت بتاريخ :
- 2016-08-21
- 8:38 م
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك