ذات يوم.. عندما كنا صغار في الإبتدائية.. وكان وقت الدوام(بعد الظهر).. ونحن نحضر أغراضنا.. وحضرت أمي السندويشات لنا.. وأعطتنا النقود.. خرجنا إلى الحارة وجلسنا على الرصيف ننتظر إكتمال العدد من أولاد الجيران لننطلق معا إلى المدرسة… لم أكن حينها أرغب بالذهاب وأشعر بملل قاتل.. وكأن هما” ما يركن فوق صدري.. وعندما حضر بعض أولاد الحارة.. وجلسنا معا”.. بدأوا يتفقدون أغراضهم.. فقلت لهم: مارأيكم أن لانذهب اليوم إلى المدرسة؟ أن نأخذ عطلة.. إستراحة.. ونذهب إلى الحديقة نلعب ونلهو ونفرح قليلا”.. ، نظروا إلى بعضهم بذهول!! وتساؤل!؟؟ فقلت لهم: لاتخافوا لن يعلم أحد سنمرح كثيرا”(أنامخططةلكلشي)، وماكان منهم إلا أن وافقوا؛ وإخوتي أيضا” لم يخالفوني.. وحان وقت الإنطلاق وكان علينا أن نذهب من الحارة.. فمشينا في الشوارع وكنا نضحك وسعداء… دخلنا إلى دكان وإشترينا السكاكر والبسكويت.. وذهبنا إلى الحديقة، جلسنا على شكل دائرة، وأخرج كل منا مالديه من سندويشات وتناولناها جميعها.. أحسست بأني يومها قد كسرت شيئا” من الروتين.. وقمنا بمغامرة.. كان عددنا ثمانية، وبينما كنا جالسين قلت لهم: إياكم وأن يتفوه أحد منكم بكلمة عن هذا المشوار.. هذا سربيننا جميعا” إتفقنا؟_إتفقنا.. وقمنا نتمشى بعد أن شعرنا بالملل، وبما أن الطفولة بريئة ساقتنا أقدامنا إلى الحارة.. ولم نشعر، جلسنا في الحي المجاور لحارتنا.. كنا نحب اللعب فيه أمام أحد البيوت رصيف كبير من الرخام الأبيض.. جلسنا عليه، وهنا أختي الصغيرة أنبها ضميرها وركضت إلى البيت ودقت الباب..!! فتح لها أبي وكان مذهولا”!! وقال لها: ماذا تفعلين هنا..!! فقالت وهي تبكي:(ولله يابابا حلفوني ماإحكي شي.. بس قلت بقلبي يارب سماح)؛ وأخبرته بكل شيئ وجاءت به إلى الحي الآخر.. خفت كثيرا” عندما رأيته يمشي نحونا وهو غاضب.. أمسك بيدي ويد أخي وساقنا إلى البيت؛ وأخبر الجيران عن أولادهم أيضا”.. وقال لنا:إنتظروا ريثما أرتدي ملابسي سأعيدكم إلى الدوام فورا”..(حسابكن بس ترجعوا عسير كتير)، فأخذنا إلى المدرسة وقدم عذرا” للمدير، أختي الصغيرة كانت معلمتها متغيبة منذ أول الدوام، فعادت مع أبي إلى البيت.. وبقيت أنا وأخي حتى نهاية الدوام… كنا نعد خطواتنا في طريق العودة من الخوف، قال أخي لي: أبي غاضب كثيرا” سيعاقبنا..، وكان بإنتظارنا عند باب البيت.. إقتربنا بخوف وقال لنا : إدخلا.. إجلسا أمامي..، كنت أرتعش من الخوف أنا وأخي، وبدأ أبي يتكلم معنا.. كان غاضبا”، ويحاول أن يحافظ على هدوء أعصابه.. ويرشدنا وينصحنا.. بكيت كثيرا ووعدت أبي أن لايتكرر ذلك، وقال لنا:هذا الخوف الذي عشتماه ريثما عدتما للبيت خائفين من العقاب.. هذا الخوف سيرافقكما مدى الحياة إذا خسرتما المدرسة..، وهكذا مضى الأمر.. كانت مغامرة.. وعبرة.. وخوف..
- الرئيسية
- ثقافة
- هروب من المدرسة…
هروب من المدرسة…
- نشرت بتاريخ :
- 2016-08-24
- 8:38 م
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك