حوالي خمس سنوات ونصف السنة والمواطن يعاني أشد المعاناة على كافة الصعد، هي قصة كل يوم، بل كل ساعة، يكتب سطورها بدمه وعرق جبينه ويتحمّل على أمل ببكرا أحلى!.
المعنيون يتغنون بصموده وصبره، وبعضهم كتب شعراً بذلك، صمود أسطوري وصبر أيوبي، يدرّس بالكتب، ولكن ماذا بعد، ماذا ينفع الغناء وكلمات الإطراء إن كان المتلقي في عالم آخر، حزين مهموم يفكر في كيفية تأمين قوته اليومي في ظل واقع سيئ لا يرحم؟!.
ألا يستأهل هذا المواطن الصبور الغيور الفقير الذي رفض أن يبيع وطنه بحفنة من الدولارات كما فعل بعض من كانوا يراؤون بالوطنية أن نقول له شكراً ونؤمّن له مقومات صموده ولو بحدودها الدنيا؟!.
للأسف كل متطلباته وحاجاته الضرورية، اليومية منها والموسمية ركّبت أجنحة وبدأت بالتحليق عالياً ويبدو أنها لا تنوي الهبوط أو العودة إلى قواعدها طالما المسؤول عنها يغض الطرف أو نائم بالعسل وكأن الأمر لا يعنيه! .. بالفعل “من يأكل العصي ليس كمن يعدها”.
لو عدنا أشهراً قليلة إلى الوراء نذكر أن الحكومة السابقة اعترفت أكثر من مرّة “أن المواطن السوري يعاني من ظروف معيشية وخدمية صعبة تستدعي السعي للتخفيف منها ومساعدته على الصمود والعيش الكريم”، ولكن ماذا حصل؟.
للأسف رحلت الحكومة وبقي المواطن “يتأمل ويتألم!.
الخشية أن يستمر الحال على هذا المنوال رغم بعض الإجراءات التي اتخذت، لكن ما زال هناك “زحمة أقوال وقلة أفعال” بمعنى أن الخلل مستمر في آلية عمل بعض الوزارات وبشكل خاص المعنية بشؤون المواطن وملفاته الأساسية غير القابلة للتأجيل، ولعل أزمة البنزين الأخيرة تؤكد ذلك، ففي الوقت الذي كان المعنيون يصرّحون بتوفر المادة كانت طوابير السيارات تمتد لمئات الأمتار على محطات الوقود في كل المحافظات في مشهد غير مسبوق يتحكم فيه مستثمرو محطات الوقود ومن يدعمهم دون حسيب ورقيب!.
بالمختصر، أزمات المواطن وتأمين حاجاته الضرورية لا تتحقق “بالثرثرة” الإعلامية عبر البرامج التلفزيونية المعلبة ولا بالمواعظ التي لم تعد تنطلي على المواطن وباتت كالسراب الذي لا يروي العطاش!.
بين قوسين-البعث