تنتهي الحكاية… بموت نصفي.. ويسير بي نصفي الآخر شاردا” تائها”.. والضباب يملأ المدينة.. تتشابه الشوارع.. والأرصفة.. حتى الأشجار تمثل جامدة كأجساد محنطة عاجزة عن الكلام.. يتسمر بصرها بي حيث أقف… تشبهها كثيرا” وجوه الناس تنظرني من خلف زجاج النوافذ.. كما لو أني دخيلة غريبة عن هذا المكان.. قد مات نصفي فهل من مشيع معي..؟ إني أجوب بنصف نعش يثقلني كثيرا”.. من يدلني كيف أتجه..؟ فقد تشابه كل شيئ هنا وسط الضباب.. كل البيوت شاحبة.. جامدة.. شاخصة لاروح فيها.. لاشيئ في هذا المكان يستجيب لي.. حتى تلك الأبواب الحديدية الباردة؛ تتشابك دفتيها موصدة بإحكام في وجهي.. طرقتها كثيرا” بلافائدة.. وتعود يدي خائبة منهكة، أعتصرها بيدي الأخرى خيبة وحزنا”.. أتلفت حولي حائرة من كل ذلك.. وأدركت حينها بأنه مامن داعي لسؤال أحد كيف أتجه.. إذا” سأترك نصفي هنا.. فغسلت جبهته بدمعي.. ورحت أتلو صلاتي عليه… أودعتك هنا فاإذهب وإسكن إحدى تلك النوافذ العالية.. مع هؤلاء.. جامدا” حزينا”.. تنظر الطريق مثلهم ولاتتكلم.. وإذا مر غيري من هنا حاملا” نصفه تذكرني.. مؤلم هذا الوداع… ومضيت وحيدة في طريقي وقد غطى الضباب خلفي كل شيئ.. وكثيرا” ما وددت لو أستطيع أن أمد يدي بعيدا” علني أنتزع أملا” ما.. ويرهبني غموض الضباب.. ورحت أسير بلا توقف.. حتى أصل لأول خيط شمس أسافر عبره بعيدا”…
- الرئيسية
- ثقافة
- بنصف نعش..
بنصف نعش..
- نشرت بتاريخ :
- 2016-11-16
- 6:55 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك