بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
لا نقصد التشويش على عمل الحكومة “لا سمح الله” ولا التقليل من قيمة وزرائها.. ولكن وكما يقول المثل لو بدها تمطر كانت غيمت!.. فمعظمنا توسم خيراً بتشكيل الحكومة التي لم يعد يصح اطلاق عليها تسمية الجديدة.. واعتبرناها خلاصنا من حكومة سابقة لم تترك لها صاحباً إلا السماسرة والمتنفذين.. ولكن اليوم وبعد مرور اكثر من أربعة أشهر على تشكيل هذه الحكومة ومن خلال الوقائع ومجريات الأمور على أرض الواقع يتبين لنا عدم حدوث أي تغيير ايجابي ملموس، بل على العكس يزداد الأمر سوءاً.. فهناك تراجع في أداء الكثير من القطاعات وأهمها القطاع الخدمي حيث تزداد حدة أزمات المحروقات والكهرباء والنظافة.. كما تنعدم المشاريع الخدمية الأخرى من طرق وصرف صحي… وغيرها، كما لا يزال يسجل القطاع الزراعي تراجعاً مخيفاً في ظل التخلي التام عنه وتركه يواجه مصيره المحتوم.. ولم يسلم القطاع الصناعي ايضا من هذا التراجع ولأول مرة نشهد توقف الكثير من المعامل الحكومية والخاصة نتيجة النقص في المواد الأولية ونفاذ المحروقات!، كما ترتفع الأسعار بشكل يومي رغم ما يمكن اعتباره “الحسنة الوحيدة” للمصرف المركزي بالحفاظ النسبي على استقرار سعر صرف الليرة ولكن ما النفع من ذلك طالما لم يؤدي ذلك الى خفض الأسعار أو على الأقل استقرارها الأمر الذي يترك تساؤلات كبيرة بلا أجوبة منطقية مقنعة للمواطن الذي مل من الوعود ومن الاجتماعات ومن الدعوة له بالتحلي بالصبر!! مع التنويه بأن من يتحدث عن ظروف صعبة وامكانات محدودة هو يبرر التقصير فقط، ومع احترامنا للجهود المخلصة فأن الحكومة من مهامها الأساسية ايجاد الحلول للأزمات وازالة الصعوبات والتخفيف من المعاناة وليس اقناعنا بوجود هذه الصعوبات فنحن من نعاني منها وليس الوزراء والمدراء والمسؤولين الجالسين في مكاتبهم ومنازلهم الفخمة وفي سياراتهم الفارهة..
ومن خلال المتابعة لنشاط الحكومة مجتمعة او كوزراء أو كفرق وزارية نلاحظ الحركة وكثرة الاجتماعات والتي كانت توحي لنا في بداية الأمر أن هناك تغييراً في آلية العمل وبوجود ارادة ملموسة في تحسين الواقع، إلا أنه تبين أن لا شيء قد نتج عن هذا النشاط وهذه المتابعة كما لا توجد اية بوادر أمل في الأفق توحي بحدوث التحسن المأمول ونتمنى أن نكون مخطئين في تقييمنا..
وعلى صعيد آخر يبدو أن هناك توجه حديد للحكومة بالعمل بهدوء وبدون انتقاد أو تشويش.. فكان ذلك التعميم من رئيسها والذي دعا فيه الوزراء إلا عدم التماس بشكل مباشر مع الناس تجنباً للانتقاد.. وتتالت بعدها التعاميم من الوزراء للجهات التابعة لهم بعدم الأدلاء بالتصاريح الصحفية الا بالموافقة الخطية المسبقة منهم تجنباً لسوء الفهم!.. وبالتأكيد لا يخفى على أحد عدم وجود اي تجربة محلية أو دولية تؤكد أن الابتعاد عن الاعلام أو التضييق عليه من شأنه ارباك خطط الحكومة ويعرقل عملها.. فهل حكومتنا لديها حساسة عالية الى هذه الدرجة بحيث يتمكن الإعلام ارباكها من خلال النقد أو حتى من خلال التجني عليها لا سمح الله..
للأسف الشديد ما يحدث اليوم يوحي بأن الأفق يضيق أمامنا وأمام الحكومة ولا ندري مدى صحة المعلومات التي تتحدث عن قرب اجراء تعديل وزاري محدود.. وهنا نرى بضرورة أن يكون هذا التعديل واسعاً وليس محدوداً واعتقد أن عمر الحكومة حتى الآن يكفي لإجراء التقييم الموضوعي المناسب لأدائها مجتمعة أو لأداء كل وزارة على حدا.. فالوقت يمضي سريعاً ومن الضروري والواجب الإسراع في التخفيف من معاناة المواطن والذي ينعكس بطبيعة الحال على دعم صمود جيشنا البطل فعندما تكون الأسرة السورية بخير سيكون الأبن والأخ والأب الموجود في الجيش والقوات المسلحة بخير وسيضاعف العطاء ويبادل حكومته وشعبه الوفاء بالوفاء..







