سيمون… هو شاب عصامي، يعتمد على نفسه بكل شيئ من أمور الحياة… يعمل في ورشة لتصنيع الموبيليا .. ويعيل أمه المسنة.. وفي كثير من الأيام يكون لعمله الحصة الأكبر من وقته.. حيث يذهب في الصباح ويعود مساء”… ليجد أمه قد حضرت له العشاء، وإتكأت قليلا” وهي تنتظره… فيوقظها ويتناولان عشائهما.. كانت والدته هي أغلى مايملكه في هذه الحياة.. ولكي يؤمن لها ماتحتاجه من دواء وطعام… كان يتحمل كل التعب ويتناساه… ويقوم دائما بإحضار الزهور لها وبينما كان يضعها في المزهرية يغني ويضحك لإضفاء البهجة والسرور على قلب أمه… ومع إقتراب عيد الميلاد، بدأت أم سيمون بحياكةقبعة من الصوف لتهديها لإبنها كما إعتادت في كل عام… وهاهي أجواء العيد قد بدأت في كل مكان، وكأنما النور قد سكن كل الشوارع والبيوت.. وأشجار الميلاد إرتدت زينتها من ثلج ونور… وضع سيمون شجرة صغيرة جميلة في زاوية من الغرفة وزينها.. ولم ينسى أن يزيد الزينة بأغنية لأمه.. وكما العادة كان ضغط العمل في الورشة كبير … وسيمون يقوم بنحت تلك القطع الخشبية بمهارة عالية.. وكان للزبائن مديحهم بعمله وإعجابهم بهمته في العمل، وحبه الكبير لمهنته… جاءت ليلة الميلاد… وإنتهت الأم من حياكة القبعة.. أما سيمون كانت له طريقته المميزة… إرتدى لباس بابا نويل ودخل إلى الغرفة وهو يضحك ويغني ويدور… وعانق أمه وقدم لها الهدية.. وفرح سيمون بقبعته كثيرا” كما لو أنها القبعة الأولى التي يحصل عليها… وأمضيا ليلة جميلة يتبادلان الأحاديث…
لم يكن يعلم أن هذا هو الميلاد الأخير الذي سيمضيه مع أمه.. فهي مريضة ولم يعد لجسدها قدرته على تحمل المرض… وقد شاءت الأقدار أن تفارق والدته الحياة… وكان لذلك جرحا” كبيرا” في قلبه.. وأصبحت الأيام تمر عليه رتيبة مملة، والحزن لايفارقه.. حتى عندما يبتسم فهذه الإبتسامة لاتصل إلى عينيه… فالعين مرآة الروح والقلب… لم ينقطع عن جلب الأزهار إلى المزهرية ويغص كثيرا بكلمات الأغنية.. وفي المساء لايجد من ينتظره.. يتحسس وسادة أمه بأسى وشوق كبيرين… ومرت الأيام والشهور.. وأتى الميلاد من جديد… ولاتزال الصنارة غافية” على الطاولة مامن خيط صوف يؤنس وحدتها.. وكما العادة دخل سيمون إلى الغرفة بلباس بابا نويل… وجلس على الكرسي يحتضن الكثير من القبعات الصوفية ويبكي… وقال: (بابا نويل حزين هذا العام يا أمي.. ويحتاج هدية منك…) وغص بدمعه.. وبينما هو هكذا.. وإذ بجرس الباب يقرع.. يستغرب سيمون من ذلك..!؟ وعندما فتح الباب… وجد أصدقائه وقد لبسوا بابانويل وجاؤوا إليه.. فرح كثيرا” بذلك.. وجلبوا معهم زينة للشجرة فلم يزينها هذا العام… وراحوا يغنون له ويضحكوه.. وأعطوه هديته.. ضحك كثيرا” وراح يبكي دموع فرح ويقول في نفسه:(أهكذا كانت أمي تشعر عندما كنت أرتدي لها بابا نويل وأغني وأعطيها الهدية..؟!)،
الأمومة.. الصداقة.. الحب.. الإهتمام.. الفرح.. إنها ليست مجرد ألقاب، إنها أحاسيس ومشاعر نحن بحاجة لها.. ولانستطيع العيش بدونها…
- الرئيسية
- ثقافة
- هدية الميلاد..- دارين العبود
هدية الميلاد..- دارين العبود
- نشرت بتاريخ :
- 2016-12-20
- 12:04 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك