معظم العاملين المحالين إلى التقاعد أو المُنهى عملهم في إداراتهم لأسباب صحية، يعانون من حالات ضعف بشكل ما، ويشكون كثيراً من معاناتهم مشقة عبء التنقل المتكرر بين العديد من الدوائر، والمتوجب لتحضير العديد من الوثائق اللازمة لضمان حصولهم على الراتب التقاعدي والتعويضات الأخرى المستحقة، ويرون ضرورة إصدار تشريع باعتماد إجراء إداري بسيط ذي جدوى اقتصادية كبيرة، يوجب أن تكون الإدارات الرسمية هي المعنية فعلاً بتحضير ذلك، احتراماً لخدمات عمالها وتقديراً لأوضاعهم، إذ باستطاعة الشؤون الإدارية في كل مديرية –ومن واجبها- المباشرة بذلك فور صدور قرار إنهاء العمل لكل عامل لديها، بل يمكّنها من الإعداد لذلك بالتعاون مع العامل قبل مدة من صدور هذا القرار في حال كان ذلك متوقعاً وبحكم النافذ عند حلوله.
ومن المؤكد أنه من واجب الجهة الإدارية للعامل وبمقدورها معالجة أي إشكال قد يحصل عند إعداد الوثائق اللازمة، عبر تكليف أحد عمال الشؤون الإدارية متابعة ذلك مع الجهات المعنية للعمال المنتهية خدماتهم، ومن المتوجب على الجهات المعنية التعاون مع إدارة العامل بهذا الشأن، التي عليها عرض ذلك بالتتابع بين يدي العامل لضمان مراجعة أي خطأ حال حدوثه، وأيضاً عند اقتضاء لزوم توقيعه، أو وجوب تسديد أو قبض أية مبالغ مالية مستحقة –قانوناً- على العامل أو له، شريطة ألا يكون من حق أية إدارة استقطاع أية مبالغ من العامل مقابل خدمتها هذه، وقد يكون ذلك سهلاً على الإدارة حال تم تمديد خدمة العامل شهراً أو شهرين كما هو معتاد لدى العديد من الإدارات.
وقد شهدت السنوات الأخيرة أيضاً وجود عدد غير قليل من أسر الشهداء والجرحى والمخطوفين والمنكوبين، ومعظم هذه الأسر مقيم في الريف البعيد والقريب وضواحي المدن، وتحتاج إلى مراجعة العديد من الإدارات الرسمية، التي يضيق بعضها من التجمهر على أبوابها وفي ردهاتها، ما يرهق الموظفين المعنيين بين حين وآخر، ويؤلم المراجعين الذين يشكون من مشقات السفر ونفقاته ومتاعب الانتظار والجدال، ومعظمهم يعاني من أوضاع مادية ومعنوية وصحية ونفسية، نتيجة تكرر وتعدد المراجعات، ما يستوجب أن تنظر الجهات الرسمية بعين العطف الاجتماعي والوفر الاقتصادي على هذه الأسر، عبر إصدار تشريع يوجب قيام الإدارة المحلية والسادة المحافظين بتكليف البلديات استقبال كل مراجع بهذا الشأن، ومتابعة معالجة حالاتهم نيابة عنهم، عبر قيام كل بلدية بتكليف أحد عمالها -أو أكثر حسب حجم هذه الأوضاع في كل بلدية- بمعالجة جميع طلبات المراجعين محلياً وفي المنطقة والمحافظة وخارج المحافظة عند الاقتضاء والإمكان، في ضوء الوثائق والمستندات التي تتوفر لدى كل أسرة، على أن يزوَّد العامل المكلف هذه المهمة من بلديته، وينفذها عبر زيارة الجهات المعنية وجاهياً أو الاتصال هاتفياً أو عبر الفاكس وبريدياً، ووفق سجلات إدارية تبيّن جدية وتتابعية هذا النشاط، شريطة الإيعاز لجميع الجهات المعنية بضرورة التعاون التام مع البلديات بهذا الشأن، مع وجوب حضور المواطن المعني بالذات حال اقتضاء توقيعه الشخصي أو قبض أية مبالغ أو استلام أية مستحقات، ما لم يكن قد كلّف شخصاً آخر بذلك بموجب تفويض قانوني.
نعتقد أنه باستطاعة المحافظين التوجيه باعتماد هذا الإجراء –كل ضمن محافظته- دون انتظار صدور تشريع أعلى بذلك، نظراً لما يوفره من متاعب كثيرة على الإدارات والمواطنين، ويحدّ من أزمة التنقل والنفقات الكبيرة المرافقة لذلك، وفي حال شكت بعض البلديات من نقص العمالة لديها، قد يكون من المفيد التوجيه بإمكانية أن تستعين البلدية بمتطوعين يعرضون خدماتهم المجانية على البلدية بهذا الشأن، دون أي مقابل مادي، وتفويضها رسمياً لهم –في ضوء صك يحدّد صلاحياتهم وواجباتهم وحقوقهم وتعهداتهم- باستقبال المراجعين في البلدية والاستماع لهم وتدوين مشكلاتهم، ومراجعة الجهات المعنية عنهم في ضوء ما يحملونه من وثائق وما لديهم من تساؤلات واستفسارات.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
هذا المقال منشور في صفحة اقتصاد من صحيفة البعث العدد 15724
تاريخ 28 / 12 / 2016