يظهر واقع الحال أن العديد من الإدارات الإنتاجية والخدمية العامة في حالة دوام عمل متواصل ليلاً ونهاراً، مثال ذلك: المشافي والمرافئ والمطارات إضافة إلى بعض المؤسسات الإنتاجية /معامل إسمنت وغير ذلك/، حيث يتناوب العمل في هذه الإدارات ورديّتان أو ثلاث ورديات، والحال نفسه بالنسبة للقطعات العسكرية والإدارات الأمنية، التي تعتمد الدوام الكامل المستمر أو نظام المناوبات، ولهذه الإدارات نظامها الخاص فيما يخص العطلة الأسبوعية، وعطل الأعياد الرسمية، وبعضها يعتمد العطلة الأسبوعية المتحركة على عامليها، بحيث تعطل هذه الجهة يوم كذا وتعطل الجهة الأخرى يوماً آخر، بغية الحفاظ على الجاهزية، ومن المؤكد أن مقتضيات المصلحة العامة تطلبت اعتماد هذه الجهات لهذا النوع من الدوام.
معظم الإدارات العامة الأخرى تطبّق الدوام العادي من الساعة 8 حتى الثالثة والنصف، وبعضها يداوم ساعات إضافية بعد الدوام، تحت عنوان عمل إضافي، في ضوء ما تراه مناسباً، وواقع الحال يؤكد أن الدوام الفعلي للعديد من العاملين في كثير من الإدارات هو أقل من الدوام المطلوب نظرياً، وطالما أنه قد ثبت أهمية ونجاح الدوام المتواصل لدى الكثير من الإدارات المذكورة أعلاه، وانطلاقاً من مقتضيات المصلحة أقترح أن تعمل الإدارات العامة الأخرى، لاعتماد دوام يوم عمل متواصل لنوبتين /صباحية ومسائية/، بحيث يتم تقسيم العاملين في العديد من الإدارات لورديتين الأولى من الساعة /8 صباحاً حتى 1 ظهراً/ والثانية من /الساعة 1 ظهراً حتى 5 مساء/ حسب التوقيت الشتوي، ومن /الساعة 8 حتى الساعة 1/ صباحاً، ومن /الساعة 1 حتى الساعة 6/ حسب التوقيت الصيفي، واعتماد عطلة أسبوعية حركية، بحيث تعطل مجموعة من الإدارات المتداخل عملها مع بعض، يومي الجمعة والسبت، ومجموعة أخرى يومي السبت والأحد، ومجموعة أخرى يومي الأحد والاثنين، ومجموعة أخرى يومي الاثنين والثلاثاء، ومجموعة أخرى يومي الثلاثاء والأربعاء، ومجموعة أخرى يومي الأربعاء والخميس، ومجموعة أخرى يومي الخميس والجمعة.
ونعتقد أنه يترتب على ذلك تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، نذكر منها:
1– سيكون بإمكان العامل أن يختار الوردية المناسبة له، فقد يختار العاملون القريبون من عملهم الدوام المسائي ويختار البعيدون الدوام الصباحي، وسيسمح هذا الدوام بتوزيع حركة انتقال العاملين على كامل النهار، وبدلاً من انصراف العديد من العاملين قبل انتهاء الدوام المعمول به حالياً، لغاية تأمين مقعد في السيارة أو لغاية إنجاز عمل خاص، سيؤمّن هذا الدوام دواماً فعلياً لكامل ساعات الوردية، وسيكون لدى عمال كلا الورديتين وقت متاح مشروع يستفيدون منه، وخاصة من لديهم حيازات زراعية أو مهن خاصة مهملة، وليسوا قلة من تنطبق عليهم هذه الحالة، ما يدفع باتجاه تمكين استثمار كل شبر أرض، بعد أن هجر الكثيرون حيازاتهم الزراعية أو مهنهم أو منشآتهم، لعدم وجود وقت يسمح لهم بالعمل بها، وسيؤدّي ذلك إلى حل أزمة النقل، حيث يوزعها على فترات أطول بدلاً من تراكمها صباحاً ومساءً كما هو معتاد، وهذا يتطلب أن تعمل الجهات المعنية لضمان تنظيم مناوبات حركة السير طوال النهار، بحيث يجد العامل سيارة على طريقه عند القدوم إلى الدوام وعند مغادرته.
2 – سيسمح هذا الدوام بإبقاء جميع الجهات في حالة عمل طوال النهار كخلية نحل، ويخفّف تراكم المراجعين على الجهات التي لهم علاقة معها، حيث يوزع مراجعاتهم على وقت أطول، وفي التوقيت الذي يناسبهم، وسيريح المراجعين من العاملين منهم في الإدارات، من الهروب من إداراتهم أو طلب إجازات لقضاء أعمالهم الخاصة في إدارات أخرى، وسيضمن استغناء الإدارات عن ساعات العمل الإضافي المسائية المأجورة، ويسمح بتوجيه تعويضاتها لمصلحة تعيين عاملين جدد، وأيضاً سيضمن استثماراً أمثل لساعات الدوام، إذ سيخفف من ظهور البطالة المقنّعة عملياً ونظرياً.
3- سيسمح هذا الدوام بتخفيض ساعات العمل، وسيكون ذلك بمنزلة زيادة جزئية غير مباشرة في الراتب.
في حال اعتماد هذا الدوام وإقامة ندوات توضيحية عنه، سيتضح أنه ليس بالصعوبة التي قد يراها بعضهم، بل سيجد قبولاً كبيراً لدى العاملين والمواطنين، وسيعتادون عليه، وإن يكن غير ممكن أو غير مفيد أو غير مناسب آنياً في بعض الإدارات، فهو ممكن ومناسب ومفيد في كثير منها.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
هذا المقال لي منشور في صفحة اقتصاد من صحيفة البعث العدد / 15861
/ تاريخ 15 / 6 / 2017