كما هو حال كثير من الصناعات التي نزحت خارج الوطن وتوجهت إلى دول عربية خلال أشهر الأزمة، فقد تلمس السوريون مؤخراً مؤشرات لهجرة صناعة سورية جديدة إلى الخارج..صناعة تميزت بها سورية بجودة إنتاجها ونوعيته وإبداعها.
ونقصد بذلك صناعة الدراما، التي يلاحظ المتابع لإنتاجها خلال شهر رمضان الحالي حجم المتغيرات الطارئة عليها، والتي ينظر إليها بقلق على أنها بداية الطريق نحو هجرة أو تمركز خارجي يتعدى مسألة الإنتاج ومناطق التصوير ليصل إلى الممثلين والفنانين والكادر الفني.
يسجل المتابعون والمهتمون بصناعة الدراما عدة ملاحظات على الإنتاج الدرامي لموسم رمضان هذا العام منها:
-تصوير كثير من المسلسلات خارج الأراضي السورية تحت غطاء الأحداث والتحديات الأمنية الداخلية ومتطلبات السيناريوهات الدرامية التي حاولت مقاربة تأثيرات الأزمة المتداخلة بين المجتمع السوري والمجتمعات المجاورة وتحديداً لبنان.
-دخول عدد من شركات الإنتاج السورية المعروفة في شراكات مع شركات إنتاج عربية في لبنان وبعض دول الخليج، وهو يثير القلق من إمكانية تحكم شركات إنتاجية خارجية مستقبلاً بالصناعة الدرامية السورية.
-الاستعانة بعدد ليس بالقليل من الفنانين والممثلين والكادر الفني غير السوري سواء لضرورات درامية تفرضها الأحداث أو لضرورات مادية وفنية أوجدتها عمليات التصوير الخارجية وخروج شراكات إنتاجية جديدة للعلن.
-الأخطر هو تسرب بعض الكادر الإنتاجي الفني للعمل في شركات إنتاج عربية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي مستقبلاً إلى ظهور منافسين جدد للدراما السورية يعتمدون على الخبرات والكوادر السورية.
قبل الأزمة كانت لجنة صناعة السينما في غرفة صناعة دمشق تقدر قيمة الإنتاج الدرامي السوري بنحو 2-3 مليارات ليرة وتوفير آلاف فرص العمل للشباب السوري والأهم أنها صناعة كانت تصدر غالياً معظم إنتاجها للخارج وتسوقه في عدة دول عربية..لكن بعد عامين من الأزمة تبدو المؤشرات مقلقة إذ لم نقل أنها مخيفة لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بخروج بعض الشركات دائرة الإنتاج وانقسام الوسط الفني سياسياً والمخاطر الأمنية التي تتهدد العاملين في تلك الصناعة..
ولذلك فإن صناعة الدراما تحتاج اليوم إلى رؤية جديدة تمنحها القدرة على الاستمرار والتغلب على المشاكل والتحديات…ففي النهاية الدراما لها أبعاد اقتصادية مهمة جداً..لكنها صناعة للثقافة وترويج للهوية.
سيرياستيبس