مما لا شك فيه أن الحياة في زمن (الكورونا) اختلفت كثيراً عما قبل، فلم تعد المشاركة بفاعلية ووجهاً لوجه في المناسبات، ولاسيما الاجتماعية منها تروق لمعظم الناس الذين وجدوا في وسائل التواصل الاجتماعي منفذاً لتأدية واجباتهم، يقول المهندس أسامة الشيخ: في كل يوم أحرص على الدخول إلى الفيسبوك وتقديم عبارات التعزية أو التهنئة لأقاربي وأصدقائي، أحياناً أشعر بالحنين إلى عاداتنا وتقاليدنا، ولكن عندما أنظر إلى والدتي المسنة وأطفالي أعود إلى صفحة الفيسبوك وأتابع واجباتي الاجتماعية، فهذا هو زمن الكورونا وعلينا أن نرضى بالتغيير الذي طرأ على كل الصعد في حياتنا اليومية.
ما ذكره المهندس الشيخ توافق مع كلام اختصاصي التنمية البشرية وائل الحسن الذي قال: فرضت التدابير المتخذة في جميع أنحاء العالم لمنع انتشار فيروس كورونا (Kovid-19)، على مناحي الحياة حول العالم، واقعاً جديداً تدور أنشطته في “العالم الافتراضي”، ففي ظل التزام العديد من سكان العالم بمنازلهم ضمن إطار التدابير المتخذة لمنع انتشار الفيروس، بدأ كثيرون بقضاء مزيد من الوقت أمام شاشات الأجهزة الذكية لتلبية احتياجاتهم المعيشية والتعليمية والاجتماعية والتجارية، أضف إلى ذلك أن انتشار الفيروس في معظم أرجاء العالم، أدى إلى تزايد الاهتمام بأنماط العمل من المنزل والتواصل عن بعد، فيما تعاظمت أهمية الشاشات الذكية لكونها نوافذ تمكن الأفراد من العمل عن بعد وقضاء أوقات ممتعة في المنازل، وقد ازداد استخدام الأجهزة الذكية بشكل ملحوظ مقارنة بفترة ما قبل الجائحة العالمية، وتحولت الهواتف المحمولة والكمبيوتر المستخدمة في العمل عن بعد إلى أجهزة تلعب دوراً حيوياً خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى أجهزة التلفاز المستخدمة في عملية التعليم المنزلي، وأضحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخيار الأول لأولئك الذين لا يريدون الانفصال عن محيطهم الاجتماعي أثناء البقاء في المنزل.
ولكن في المقابل تسبب فيروس كورونا المستجد بتجريدنا من التقارب العاطفي، الذي نحتاجه أحياناً عند الشعور بالضعف، أو الوحدة، أو الخوف, واليوم، نواجه صعوبة في رؤية تعابير الوجه وحركات الجسم، بسبب ارتداء الكمامات الطبية وإجراء المحادثات المرئية، حيث يعتمد العاملون في مجال الصحة على التواصل الإيجابي غير اللفظي، بغية إظهار الاهتمام والرعاية لمرضاهم، كالقرب الجسدي الوثيق، والابتسام، وإيماء الرأس.
ورداً على سؤاله إذا كانت تلك المواقع ستؤدي إلى تغيير العلاقات الاجتماعية؟ قال الحسن: إن أكثر ما يثير الاهتمام لدى تصفح بعض مواقع التواصل الاجتماعي إجبارنا على التغيير، والتبدّل الواضح في عاداتنا وتقاليدنا، التي كانت سائدة قبل ظهور هذه المواقع، ودخولها بدون استئذان إلى تفاصيل حياتنا اليومية, والتي بدأت فعليّاً مع ثورة انتشار الهواتف والأجهزة الذكيّة، ومن ثم ظهور موجة مخاوف من تحول المجتمعات المعروفة بجماعيتها والتفافها حول بعضها إلى الفرديّة المفرطة، والتأثير السلبي المباشر في المجتمع ونسيجه. ولذا، فإن تلك المواقع ستؤدي إلى تغيير العلاقة بين المجتمع والأشخاص، ختاماً إن وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت الكثير من العادات الاجتماعية في جميع المجتمعات، بدءاً من التجمعات العائلية في المنزل الواحد التي أصبحت وسائل التواصل جزءاً لا يتجزأ منها، من خلال انشغال أفراد العائلة بهواتفهم النقالة وتصفح وسائل التواصل، وصولاً إلى الإدمان على استعمال هذه المواقع، وانتهاءً بالتأثير السلبي في أمزجة المستخدمين وطباعهم… باختصار إن «مواقع التواصل غيّرت العادات والتقاليد», ففيروس كورونا المستجد لم يسرق أرواح الناس فحسب، وإنما أيضاً السلوكيات الجسدية التي تساعد في إظهار التعاطف مع الآخرين والتخفيف من معاناتهم.
- الرئيسية
- مجتمع ومناسبات
- في زمن (الكورونا) .. مواقع التواصل غيّرت العادات والتقاليد
في زمن (الكورونا) .. مواقع التواصل غيّرت العادات والتقاليد
- نشرت بتاريخ :
- 2021-01-31
- 12:15 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك