إحياءُ ذكرى عيد الشهداء.. يرتبط بدلالاته اللغوية وأبعاده الإنسانية والوطنية بقيم التضحية في سبيل الوطن والبطولات التي اجترحها أبناؤه الغيارى في مواجهة الاستعمار وقوى العدوان حيث يُظهر الاحتفاء بهذه المناسبة التي لها وقع خاص على قلوب السوريين تعبيرهم الصادق عن الروح الوطنية الراسخة والمبنية على أسس من الوفاء والعطاء والمحبة المتجاوزة حدود الزمان والمكان.
ست سنوات بعد المئة على ارتقاء مفكرين ومثقفين غيارى وقادة مقاومة ضد الاحتلال العثماني البغيض الذي أخافه شعب يطلب الحرية والاستقلال.. حينها حاول المحتل العثماني عبثا خنق صوت المناضلين وأوعز إلى سفاحه جمال باشا ليطردهم ويقضي عليهم وفي عام 1916 وبعد حملة من الاعتقالات والبطش في دمشق وبيروت ساق السفاح 14 من المناضلين إلى “أراجيح الموت” كما وصفها أولئك الأبطال بساحتي البرج في بيروت والمرجة بدمشق.
ويسجل التاريخ انه بعد تعيين سلطات الاحتلال العثماني جمال باشا السفاح قائدا للجيش الرابع في سورية عام 1914 أصبح ببطشه وإجرامه حاكما مطلقا في البلاد.. ولترسيخ سلطانه باشر على الفور بملاحقة الوطنيين والمفكرين والأدباء متبنيا سياسة الإعدام واستهلها بعدد من القامات القومية والوطنية قبل السادس من أيار ومنهم “الخوري يوسف الحايك ونخلة باشا المطران ابن بعلبك والشقيقان أنطوان وتوفيق زريق من طرابلس الشام ويوسف سعيد بيضون من بيروت وعبدالله الظاهر من عكار والشقيقان فيليب وفريد الخازن من جونية ويوسف الهاني من بيروت”.
وفي بيروت تزينت ساحة البرج بمشاعل الحرية ومنهم “جرجي موسى حداد وسعيد فاضل بشارة عقل وعمر مصطفى حمد وعبدالغني محمد العريسي وعارف محمد سعيد الشهابي وتوفيق أحمد البساط وسيف الدين أبي النصر الخطيب وعلي عمر النشاشيبي ومحمود جلال سليم الآمدي البخاري وسليم محمد سعيد الجزائري الحسني” وغيرهم.
العثمانية القديمة نبتت بذورها مجددا متمثلة بالنظام التركي الأردوغاني الحالي الذي يسعى جاهدا الى البحث عن أمجاد أفلت إلى غير رجعة لمحاولة إحيائها عبثا عبر فكر توسعي ومحاولة إجراء تغيير ديموغرافي في الشمال السوري باحتلال مناطق عبر أدواته من التنظيمات الإرهابية وقصف مستمر للبنى التحتية والمناطق السكنية لإجبار المدنيين على ترك مناطقهم وإحلال الإرهابيين وأسرهم مكانهم وسرقة خيرات البلاد وأملاك الأهالي وتغيير المناهج التربوية والتعليمية السورية فيها.
قوافل المجد التي ارتقت إلى العلياء من أبناء الوطن دفاعا عن ثراه الغالي استمرت بعد انكسار شوكة العثمانيين وجلاء المحتل الفرنسي عن ارض الوطن عام 1946 وتجسدت في مدرسة الشهادة والنضال التي وضع ركائزها القائد المؤسس حافظ الأسد ونشأت في سياقها المقاومة التي هزمت كيان العدو الاسرائيلي في لبنان عام 2000 ميلادي ثم عام 2006 ميلادي وقويت أكثر طلائع المقاومة الفلسطينية وغدت سورية محوراً مفصلياً في جبهة المقاومة للتصدي للمشروع الأمريكي-الصهيوني في المنطقة.
وفي سياق ذلك جاءت الحرب العدوانية على سورية التي تشق طريق النصر المؤزر وتنيره دماء الشهداء وتضحيات جيشنا الباسل وصمود شعبنا بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.
وفي سياق الدفاع عن فلسطين العربية لابد من استذكار شهداء الجيش العربي السوري الذين رووا بدمائهم أرض فلسطين عام 1948 وشهداء الانتفاضات المتتالية ضد العدو الصهيوني وصولاً إلى شهداء جيش التحرير الفلسطيني الذين امتزجت دماؤهم بدماء أشقائهم في الجيش العربي السوري خلال تصديهم لمرتزقة التكفير والظلام.. أدوات الحرب على سورية منذ أكثر من عشر سنوات.
وفي خضم الحديث عن الشهادة والتضحية في سبيل الوطن نقف إجلالا وإكبارا لأرواح الشهداء من العمال والفلاحين والمعلمين والصحفيين والطلبة والتلاميذ الذين استمروا في أداء واجبهم حفاظا على سيرورة الحياة العامة في البلاد.
واليوم بعد أكثر من عشر سنوات على بدء الحرب العدوانية على سورية يلتف السوريون حول جيشهم وقائدهم لاستكمال النصر المؤءزر ودحر الإرهاب والاحتلال عن أرض سورية والبدء بإعادة الإعمار وبناء المستقبل سائرين على الدرب الذي أنارته دماء الشهداء الطاهرة.
بانوراما سورية- سانا