بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
في لقاء لي مع أحد رجال الأعمال من أصحاب الاستثمارات الصناعية الهامة في دمشق طرحت عليه سؤالاً حول عدم قيامه بأي نشاط صناعي في طرطوس وهو من محبي هذه المحافظة.. فأجابني على الفور بأن مسؤولي هذه المحافظة مقصرين بحق أهلها وبحق صناعتها..!! مشيراً إلى أن هناك اسباب عديدة تمنع قيام صناعة حقيقية وجدية وأضاف بأن لابد من توحيد جهود المسؤولين بطرطوس لتعديل بعض القوانين وكذلك “العقليات الاستحواذية- التشاركية” لبعض المسؤولين.. ما تحدث عنه هذا الصناعي يلخص سبب عدم قيام صناعة طرطوسية على مستوى جيد..
على المستوى الإداري والفني يرى الخبراء أن هناك عقبات تحد من زيادة عدد المشاريع الصناعية في المحافظة يتجلى أهمها بعدم وجود حيازات كافية من الأراضي لإقامة المشاريع تحقيقاً للشروط المطلوبة من قبل وزارة الإدارة المحلية وفق البلاغ رقم 10 للعام 2004 والمتضمن ضرورة وجود أرض بمساحة أربعة دونمات لإقامة أي منشأة صناعية وعلى أن تكون هذه الأرض خارج التنظيم والحماية والمخطط التوجيهي..
أمر غريب فعلاً هذا البلاغ.. فمعروف عن محافظة طرطوس صغر الملكيات الخاصة فيها فهل يعقل أن يتطلب صاحب ترخيص معمل لإنتاج الأجبان مثلاً إلى 4000 متر مربع بينما لا يحتاج لأكثر من 500 متر مربع لإقامة هذا المعمل.. وهل يعقل أن تعامل محافظة صغيرة المساحة كما تعامل محافظة أخرى ذات المساحات الشاسعة؟!! هل هذا الأمر منطقي؟ وإذا ما حاول هذا المستثمر إقامة معمله في المنطقة الصناعية هل سيلقى طلبه هناك؟ بالتأكيد لا.. فالمنطقة الصناعية تضيق على شاغليها وهناك مطالب كثيرة في تعديل ضابطة البناء الصناعي فيها بحيث يتم السماح بتوسيعها أو السماح ببناء طابق إضافي وطابق قبو.. فما هو الحل؟
الكثير من أصحاب الخبرة يرون أنه لا بد من تعديل البلاغ رقم 10 وتصغير المساحات المطلوبة للترخيص الى حدود معقولة تبعاً لخصوصية كل منشأة وحجمها..فلماذا لا تلبي الحكومة هذا المطلب المحق والبسيط والذي لا يكلف شيئاً ولا يلحق الضرر بأحد..
ومن جهة أخرى لا بد أن يتم التركيز في الخطط الاستثمارية القادمة لمحافظة طرطوس على إقامة مناطق صناعية في مدن ومناطق المحافظة إضافة إلى توسيع المنطقة الصناعية بطرطوس وتعديل نظام ضابطة البناء فيها لاستيعاب النمو الحاصل في الحركة الصناعية في المحافظة..
يصنف البعض محافظة طرطوس بأنها محافظة زراعية بالدرجة الأولى وسياحية بالدرجة الثانية ولكن ذلك لا يمنع من تحسين البيئة التشريعية والتحتية لإقامة الحد الأدنى من المنشآت الصناعية وقد بينت الأزمة التي تمر بها البلاد مدى الحاجة لوجود صناعات أساسية في طرطوس واعتقد أن الوقت أصبح ملائماً اليوم أكثر من أي وقت مضى للاهتمام بهذا الجانب والتركيز على إقامة صناعات تتلاءم مع خصوصية المحافظة الزراعية والسياحية، فما الذي يمنع من تأسيس معمل للعصائر للقطاع العام أو الخاص خصوصاً أن هناك ما يزيد عن مليون طن من ثمار الحمضيات يتم انتاجها سنوياً من الساحل السوري.. والأمثلة كثيرة عن مثل هذه الفرص الصناعية الضائعة..ولا وقت لذكرها الآن.
نعود إلى ما تحدث عنه المستثمر في بداية هذه المادة بضرورة قيام مسؤولي طرطوس بواجبهم وبضرورة سعيهم لدى الحكومة لتعديل بعض التشريعات والقوانين المعرقلة لقيام أنشطة صناعية.. والأهم من كل ذلك إزالة العقليات البيروقراطية التي” تطفش” المستثمرين.. وفهمكم كفاية..







