بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
كثيرون الذين كتبوا عن واقع الأفران ورغيف الخبز والوضع المزري المحيط بهما.. وبالتأكيد لم يتغير شيئاً ولا نتوقع أي تغيير ايجابي في المدى المنظور، ومع ذلك لن نقف عن الكتابة عن واقع مزعج نعاني منه كمواطنين وتعاني منه خزينة الدولة كاستنزاف يومي وهدر للمال العام..
يقال أن أكبر نسبة فساد في سورية موجودة في هذا قطاع الخبز الذي يستنزف مئات المليارات يدفعها المواطن والدولة ويخرج قسماً كبيراً منها بشكل غير شرعي إلى جيوب أصحاب الأفران الخاصة وشبكة المعتمدين والإدارات الفاسدة في معظم أفران الدولة العامة والجهات التي لها علاقة بهذا القطاع.. فهناك مئات ألاف الأطنان من الطحين المدعوم ومثلها من المازوت الأكثر دعماً يتم ضخها إلى الأفران العامة والخاصة، فهل الجهات المعنية متأكدة أن جميع الكميات والمخصصات المسلمة يتم استخدامها لإنتاج الخبز أم أن قسماً لأبأس به يأخذ طريقة للبيع بالأسواق وبالأسعار الرائجة؟؟!..الجواب بديهي ومعروف ولا يحتاج إلى دليل..
بالنسبة للأفران العامة، ولكي نكون منصفين لا بد من التنويه إلى أداء بعض الأفران العامة كمخبز صافيتا الذي ينتج خبزاً بمواصفات ممتازة مشهود لها وبكميات كبيرة غير منقوصة، وبنفس الوقت يتم توجيه اللوم لمخبز الجولان الآلي الذي يحطم الأرقام القياسية باستمرار بعدد المخالفات وبإنتاج أسوء رغيف خبز في سورية.. كما أن باقي المخابز تنافس على تسجيل الأرقام القياسية ايضا فينجح بعضها بالحصول على لقب الرقم القياسي في أطول طابور بشري على ناففذة البيع كمخبز التموين وبأطول مدة انتظار وايضا بكثرة الأعطال كمخبز الرمل…وما إلى ذلك.
أما الأفران الخاصة فحدث ولا حرج.. ابتداءً من النقص في وزن الربطة وعدد الأرغفة مروراً بنقص الكميات المنتجة من المخصصة للأفران وانتهاءً بالمعاملة غير اللائقة التي يتلقاها المواطن على نافذة البيع والانتظار الطويل على حساب تدليل المعتمدين الذين يحصلون على الكميات المتفق عليها مع زيادة في السعر ولتصل في النهاية إلى المواطن بنقص كبير في الوزن وبزيادة في السعر.. وطبعا بدون مراقبة أو محاسبة جدية..
هذا الواقع موجود في معظم الأفران، وقد لمسته شخصياً مؤخراً في احد الأفران فقد كان الوزن ناقصاً في الكمية التي حصلت عليها، كما تعرضت شخصياً لسوء معاملة من قبل العامل الذي يقوم بالبيع في نافذة الفرن ولن أذكر اسم الفرن الآن ولن أتقدم بشكوى ضده، بعد أن تعهد أحد أصحابه بالتشديد على عماله للانتباه إلى الوزن الصحيح وعدم الإساءة إلى المواطن على نافذة البيع..
عشرات السنين من الاستنزاف الجائر للمال العام تحت عنوان دعم الرغيف و(الخط الأحمر) ولكن لم يصل هذا الدعم إلى المواطن بشكله الصحيح، فلا النوعية متوفرة في معظم أفران الدولة ولا الوزن الصحيح موجود في معظم الأفران الخاصة.. فما الحل؟؟ بالرقابة هذا صحيح ولكن من يراقب من ؟ وفي أي مجتمع أفلاطوني نعيش؟ هل نعتمد على مراقبة التموين؟؟ الكثيرون يضحكون على هذه الرقابة ويعتبرون أن هذه الرقابة مشكوك بنزاهتها.. فهل يعقل أن التموين ينتظر شكوى من مواطن كي يقوم بدوره؟؟ وأي دور سيقوم به؟ سيقوم في أحسن الحالات بتسجيل مخالفة وإحالة إلى القضاء، وفعلاً هناك مئات المخالفات يتم تسجيلها، ولكن وكما يقول احد أصحاب الأفران (ما بيطلع منها شيء)…. هذا طبعا إن تم تسجيل المخالفة ولم يتم لفلفتها بالاتفاق ما بين المراقب التمويني وأصحاب الفرن.. فالفساد في هذا الموضوع وارد جداً وباعتراف وزير التجارة الداخلية أعلى سلطة تموينية..
بالتأكيد ليس هناك حلول لإنهاء حالات الفساد في هذا القطاع طالما كان هناك دعم حكومي وأموال في عهدة أشخاص القسم الأكبر منهم بلا أخلاق وضمير.. ولم نعمم بالتأكيد.. فالنفس البشرية ضعيفة والقانون مطاط والله يعين.. فلا الدولة اليوم في وارد وقف سياسة الدعم ولا يوجد أي طريقة لضبط حالات الفساد.. إذاً لا حلول وسيبقى هذا الاستنزاف وستستمر هذه السرقات “وعلى عينك يا تاجر.. ولكن يمكن التخفيف منها قليلاً إذا ما أعدنا العمل بالقضاء العسكري أو الاقتصادي لمثل هذه المخالفات أو إذا اتبعنا سياسة الإغلاق ولكنها يمكن أن تسبب اختناقات وأذى للمواطن.. فما هو الحل؟؟!!








