بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
مشهد مزعج نراه بكثرة على امتداد الساحل السوري.. عدد كبير من بساتين الحمضيات المثمرة يتم اقتلاعها من قبل أصحابها والأسباب تتعلق طبعاً بتراجع الإنتاجية واستفحال الأمراض والخسائر المتلاحقة وعدم القدرة على تصريف الإنتاج بالأسعار المناسبة..
قبل عقود من الزمن كان الاستثمار في الأشجار المثمرة وخصوصا الحمضيات في المنطقة الساحلية هو الأكثر جدوى والأضمن والأسهل على المدى الطويل فتم البدء بالتشجير بدعم ورعاية من الدولة، وليصل عدد الأشجار المزروعة حالياً إلى حوالي 14 مليون شجرة مزروعة على مساحة تبلغ 42 ألف هكتار، وليصل الإنتاج السنوي إلى مليون و250 ألف طن.. أما حالياًفقد تغير المشهد تماماً فبساتين الحمضيات أصبحت عبئاً على أصحابها دون أي أمل في استرداد تكاليف الإنتاج الباهظة والأسباب معروفة للجميع..
أمام هذا الواقع لا يرى المزارع حلاً إلا اللجوء إلى المقامرة بالزراعات المحمية التي بدورها لم تعد آمنة ولا محمية من غدر الطقس والظروف الجوية السيئة وكذلك غير محمية من تقلبات الأسعار في ظل انعدام فرص التصدير إلى الخارج بعد إغلاق المعابر البرية مع الأردن والعراق بسبب سيطرة قوى الإرهاب عليها..
ولا تبدو وزارة الزراعة مكترثة أو يهمها الأمر رغم وجود مكتب خاص ومستقل للحمضيات وعدد كبير من الإرشاديات الزراعية.. فهي لم تهتم بما يكفي لمتابعة أحوال هذا القطاع ولا بمتابعة معالجة الأمراض ولا بتوفير مستلزمات الإنتاج من أسمدة متنوعة وأدوية ومبيدات خصوصاً أن هناك شكاوى كثيرة من قبل المزارعين حول انتشار كبير للغش والتزوير والتقليد في هذه المستلزمات بكافة أنواعها وعدم فعالية الأدوية المحلية والمستوردة بشكل نظامي وكذلك المهربة ناهيك عن فوضى التسعير والاستغلال بكافة أشكاله..
وما ينطبق على الإنتاج ينطبق على التسويق فلم تلعب الوزارة أي دور مهم في مجال تصريف الإنتاج باستثناء ما يتم الحديث عنه بتعاونها مع وزارة الصناعة لإقامة معمل للعصائر في اللاذقية، ولكن لا يبدو أن هذا المشروع ذو جدوى تسويقية مهمة نظراً لتدني الطاقة الإنتاجية المخططة له والتي لا تتجاوز الـ 65 ألف طن بينما الإنتاج السنوي للحمضيات في الساحل السوري يتجاوز المليون و250 ألف طن، وبالتالي لا بد من زيادة عدد هذه المعامل وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال إن كان هناك نية صادقة للعمل..
إزاء هذا الواقع لا بد من دق ناقوس الخطر واستنفار الجهات المعنية بالدولة للقيام بما يلزم لوقف تدهور هذه الزراعة وإيجاد الحلول الفنية المرافقة للعملية الإنتاجية وكذلك الحلول الناجعة والسريعة لمسألة تصريف الإنتاج بالأسعار المناسبة والتي تضمن تحقيق هامش ربح جيد ومردود مناسب للمزارع يجعله يحافظ على استمرارية هذه الزراعة الهامة في بلدنا..
————————————————————————
للتواصل مع كاتب المقال على فيس بوكعبد العزيز محسن








