لو قدر للجهود واستثمار الطاقات والإبداعات التي تبذلها مختلف الإدارات والهيئات العامة في صياغة التقارير والبيانات التي تحمل في معظمها الاتهام لبعضها بالتقصير وتقاذف المسؤوليات أن توجه لخدمة العمل العام والارتقاء بمستواه لما وصلنا للحالة المتردية في الأداء والخدمات التي تقدمها.
وآخر من ينطبق عليه كلامنا هيئة المنافسة ومنع الاحتكار التي لم تكتف في تصريحات أعلنتها مؤخراً بتقليص عدد التجار المحتكرين للاستيراد لـ 15مستورداً رغم تأكيدات جهات رسمية بعدم صحة مثل هذه الأرقام المتداولة عن المستوردين.
وإنما أشارت بالبنان صراحة لوزارة الاقتصاد التي منعت بيانات الاستيراد والتجار عن الهيئة للتدقيق بها ما عرقل تطبيق قانون المنافسة ومنع الاحتكار وسمح بالمحصلة لبعض المتنفذين وأصحاب الامتيازات بالحصول على القطع الأجنبي والتحكم بحركة تداول المواد بالسوق وأسعارها.
وما زاد الطين بلة على حد زعمها ضعف دور مؤسسات التدخل الايجابي في تحقيق المنافسة في الأسواق مع التجار بل كانت لاعباً مساعداً للمحتكرين عبر استجرارها المواد منهم في وقت كان يفترض أن تكون هي تاجر الجملة المباشر وتستورد للتخفيف من أعباء الأسعار المفروضة على المستهلكين.
غير أن الهيئة نست أو تناست في زحمة الاتهامات تلك ودون الخوض في صحة بعضها من عدمه أنها وطوال السنوات الأخيرة ولتخليها عن دورها وممارسة صلاحيات واسعة أتاحها قانون إحداثها وليس أقلها امكانية وضع اليد على مستودعات التجار الذين يشك باحتكارهم للمواد والسلع خاصة الأساسية منها قد تركت الساحة خالية أيضاً لضعاف النفوس في احتكار السوق والتحكم في لقمة عيش المواطن دون محاسبة.
كل ما تقدم يؤكد لنا أن علة العلل التي عاني منها العمل العام وبشكل خاص خلال الأزمة تتمثل في غياب روح الفريق الواحد وتكامل الأدوار وتوجيه الجهود والإمكانات للوصول لحلول ومعالجات جذرية لمجمل القضايا والأزمات التي تواجه المواطنين.
لذلك هرب الجميع نحو الحل الأسهل وهو التهرب من المسؤولية لاسيما بعد إدراكهم أن شماعة الأزمة لم تعد مقبولة أو مقنعة لأحد وما شجعهم على الاستمرار غياب المحاسبة والتقييم لأدائهم ونتائجه على الأرض.
بانوراما طرطوس -الثورة