يبرز دور الأهل هنا بتشجيع أولادهم على بناء صداقات جديدة، والمشاركة في أنشطة مشتركة مع الأصدقاء، ويكمل ذلك دور المدرسة أيضا»، سواء خلال السنة الدراسية أو في هذه الأيام أي العطلة الصيفية.
إن الأنشطة المدرسية سواء الرحلات، أو الندوات أو المسابقات، تتيح المجال للصداقة على أساس تشابه الميول والخبرات، كما وتلعب دوراً هاماً في تكوين الصداقات أيضا»، وإذا عملت المدارس في كل حي على إقامة النوادي فإن الطالب عن طريقها يتعلم كيف يعيش؟ وكيف يتعامل مع الآخرين؟ وإذا رفض الاشتراك في النوادي كان معنى ذلك خوفه من الناس أو عدم تكيّفه مع البيئة المدرسية. وهنا يمكن تدخل الأهل عن طريق السماح لأبنائهم بتبادل الزيارات. لكن يبقى دور المعلمين المشرفين على النوادي أهم في تهيئة الجوّ الاجتماعي في المدرسة ويكون ذلك عن طريق خلق جو من الودّ والترابط والتعاون والمشاركة الوجدانية بين الطلاب بعضهم ببعض ، في مختلف الأنشطة التي يقومون بها، بحيث يكونون مجتمعاً حياً يمثل المدرسة أحسن تمثيل، ويتحقق ذلك بإشباع حاجات التلاميذ الاجتماعية، فالتلاميذ يحتاجون إلى تقبل الأقران والكبار لهم ورضاهم عنهم كما يحتاجون إلى الشعور بأهميتهم وإلى تقدير أعمالهم ويحتاجون إلى الشعور بأنّهم جزء من جماعة ينتمون إليها، وأنّ كلّ تنظيم اجتماعي ينكر ذلك من شأنه أن يولد سوء التكيّف النفسي أوالاجتماعي، مما يشكل بذور العنف. وهنا يمكننا القول إن ابعاد العنف عن المراهقين يبدأ من تحقق النمو الاجتماعي لهم.
يبدأ تشجيع المراهقين على الاشتراك في النوادي، بإنشائها أولاً، سواء أيام الدراسة، أو هذه الأيام، أي في العطلة، بحيث يصبح كلّ طالب عضوا» في ناد ويقوم بدوره في هذا النادي، والواقع إنّ الحياة الاجتماعية للطالب تمارس بشكل حقيقي وأوضح خارج قاعات الدراسة، على أن يشرف على هذه النوادي معلمون ومعلمات وموجهون وموجهات، يفهمون المراهقين وحاجاتهم. فالنادي المدرسي أحد أنواع النشاط الاجتماعي المتاحة بيسر لأكبر شريحة من الطلاب والطالبات، وهي إحدى الوسائل التي تعتمد عليها المدرسة في تحقيق التنشئة الاجتماعية للطالب فهو يضفي جواً ملائماً لممارسة النشاط الحرّ في أوقات الفراغ التي تتخلّل اليوم المدرسي طوال العام الدراسي، كما يهيىء في الصيف لطلابه فرصة الاشتراك الجماعي في أوجه مختلفة من النشاط كألعاب التسلية والموسيقا والقراءة فضلاً عن أنّه مكان مرغوب للأهل والادارة المدرسية.
ومن العوامل المساعدة لنجاح هذه الأندية، انتشار فكر التطوع بين طلاب وطالبات الجامعات وكذلك الخريجين والخريجات، والذين حصلوا على تدريبات في مهارات التواصل، والعلاج بالفن، وبناء الفريق، وغيرها مما يفيد التعامل مع المراهقين واليافعين.
إنّ النشاط والتعاون المدرسي يحقق لليافعين نتائج تربوية عديدة في تكوين العادات الصالحة وتوجيه السلوك الاجتماعي السليم وإكساب الطلاب مهارات في تكوين العلاقات الاجتماعية والخبرات والمعارف الجديدة المرتبطة بالنشاط التعاوني فضلاً عن اكتساب المميزات والاتجاهات الصالحة التي تساعد كثيراً على خلق المواطن الصالح، و ذلك بتدريبهم على القيام بواجباتهم نحو خدمة مدرستهم وحيّهم وشارعهم، عن طريق الأنشطة التي ينفذونها سواء اصلاح أعطال في الصف، أو زراعة حديقة المدرسة، أو إعادة تدوير بعض الأشياء، فيساهمون في إنتاج ما تحتاج إليه المدرسة من أثاث وأدوات بسيطة، إنّ هذه الأنشطة تساعد الطلاب على اكتساب المهارات والاتجاهات الصالحة للإسهام بواجبهم نحو الخدمة العامة المحلية في بيئتهم و مجتمعهم.
إن اشغال المراهقين بالأنشطة المفيدة، المنتجة والمسلية في نفس الوقت، لا يسهم في سحب بذور العنف من شخصياتهم فقط، بل يؤسس ليافعين أسوياء، وشباب بطاقات حيوية وايجابية تساهم في بناء مستقبل مشرق.