«أهلاً وسهلاً بك كمتدرب في غوغل»، العبارة التي لطالما انتظر طالب الهندسة المعلوماتية في السنة الخامسة “عبد السلام العلي” سماعها، وعمل جاهداً للوصول إلى هذا اليوم.
“العلي” الذي اختار قسم الشبكات والنظم الحاسوبية لدراسته، يقول لـ”سناك سوري” إن «القصة بدأت بيني وبين نفسي منذ زمن، من قبل الدخول في الكلية، حلمي كان الوصول إلى “غوغل” وقد بدأت أجهز نفسي لهذا اليوم جيداً منذ اليوم الأول لدخولي كلية الهندسة».
الشاب السوري الذي يبلغ 24 عاماً والقادم من محافظة “الحسكة” لتحقيق حلمه في دراسة المعلوماتية، وصله إيميل من شركة “غوغل” قبل 3 أسابيع أخبروه فيه عن اهتمامهم به وبخبراته، بعد اطلاعهم على حسابه في موقع “لينكد إن” العالمي، ليتحول الإعجاب إلى قناعة تامة بعد مقابلتين مع الشركة، إحداهما استمرت 50 دقيقة تضمنت اختبارات علمية تتعلق بمسائل برمجية، للوقوف على مهاراته، ليأتي الجواب النهائي: «أهلاً وسهلاً بك كمتدرب في غوغل».
“العلي” وفي حديث بيّن أن أبرز المهارات التي نالت إعجاب اللجنة، هي عمله في تطوير المواقع، وخاصة موقع كلية الهندسة المعلوماتية وموقع جامعة تشرين، حيث يعمل حالياً كمدير لواحد من سيرفرات موقع الجامعة web server manager، إلى جانب عمله الخاص في هذا الإطار، وإلمامه بمختلف اللغات البرمجية مثل (الجافا , PHP , CPP و Cوقواعد البيانات)، إضافة لعملية التعلم الذاتي التي بدأها منذ زمن.
سيكون أمام الشاب السوري فرصة كبيرة لتحقيق حلمه، في أيلول القادم عندما سيسافر إلى مدينة “زيوريخ” في “سويسرا” التي فضلها على مركز غوغل في “كاليفورنيا” الأمريكية، بسبب صعوبة وصول السوريين للولايات المتحدة، ومركزي غوغل في “باريس” و”موسكو” بسبب صعوبات اللغة بعدما خيرته اللجنة بين هذه المراكز، إضافة لتخييره بين التدرب كمهندس برمجيات ومهندس ذكاء صنعي ليختار مجال البرمحة الذي يحبه.
«إنه جزء من الحلم، وليس كله»، يقول “العلي” عن نجاحه بالحصول على فرصة التدرب، معتبراً أن الخطوة القادمة هي التخطيط للحصول على فرصة عمل دائمة في الشركة، بعد فترة التدريب المحددة ما بين 3- 4 أشهر، حيث سيتم اختيار الفريق الأفضل من بين الفرق المتدربة، إضافة للأفراد المميزين في الفرق الأخرى، للعمل مع الشركة “full time”، الأمر الذي سيمكنه في حال نجاحه من كسب خبرة كبيرة في واحدة من كبرى الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا التي تراجعت كثيراً في بلدنا عن باقي البلدان بفعل الأزمة التي تعيشها البلاد، كما قال.
يؤكد “العلي” أنه وفي حال حصل على فرصة العمل التي يريدها سيعود إلى بلاده، إنما على المدى البعيد، مضيفاً لـ سناك سوري: «صحيح أن هذا حلمي، لكن بالنهاية غوغل لأصحابها وأنا سأعود إلى بلدي».
شاب بعمر 24 سنة قادم من بلد تعيش حرباً منذ ثمان سنوات وسيتدرب في غوغل، نسأل “العلي” ماذا تعني له هذه الجملة، فيقول إنها إثبات له وللجميع أن العقل السوري لا يزال موجوداً، بالرغم مما فعلته الحرب التي «أثرت علينا كثيراً، ولكنها في نفس الوقت أعطتنا مزيداً من القوة، بالرغم من تراجع تصنيف الجامعات السورية وفقدان الشهادة السورية لقيمتها التي كانت قبل الأزمة»، على حد تعبيره.
«الحقوا أحلامكم»، هي النصيحة الوحيدة التي يقدمها الشاب السوري لأبناء جيله وطلاب الجامعات الذين قد يتسلل الإحباط إليهم بسبب ما نعيشه من ظروف، ولكن الفشل يجب أن يتحول لنجاح، ضارباً مثلاً عن نفسه، حيث تم رفضه للعمل أكثر من 30 مرة قبل أن يحصل على فرصة، مرجعاً السبب لصغر سنه في ذلك الوقت حيث أن معظم الشركات التي كانت ناشئة في وقتها تفضل أصحاب الشهادات ولا تهتم بالخبرة، على عكس الشركات الكبيرة، مع إشارته لبدء تغير هذا المفهوم في السنوات الأخيرة وخاصة في”دمشق” التي وصف العمل في قطاع التكنولوجيا فيها بأنه أفضل بكثير من باقي المحافظات السورية.
ولدى سؤاله عن اهتماماته الأخرى، تحدث “العلي” عن مشاركته في تأسيس فريق up التطوعي الذي يهتم بتغيير فكر الجيل الذي تربى في ظل الحرب، والنهوض بالمجتمع بعد حالات الدمار فيه، إضافة لعمله كمتطوع في فريق الشبكات والنظم التطوعي في كليه الهندسة المعلوماتية والذي يهدف لتطوير البنية التحتية والشبكات، وقام بتحسن وضع الكلية بشكل عام، وتزويد الطلاب بالانترنت، وبناء نظام إدارة متكامل يسمى moodle
وهو أشبه بمنتدى بين الطلاب والمدرسين وبين الطلاب أنفسهم، وكذلك عمله في فريق التطوير المسؤول عن تقديم الخدمات وتطوير البرمجيات.
«معلاقي كبير لهيك مو تارك شغلة مو داحش حالي فيها» يختم “العلي” كلامه.
“العلي” مثال جديد ولن يكون الأخير الذي يُظهر أهمية العقول السورية وقدراتها الكبيرة في مختلف المجالات العلمية والهندسية والطبية والفنية والرياضية والأدبية، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة حول الإجراءات التي تتخذها الحكومات المتعاقبة للاستفادة من هذه الخبرات المنتشرة في أصقاع العالم.
بانوراما سوريا – سناك سوري