عانس.. كلمة من أربعة حروف لكنها تحمل في طياتها أكثر المعاني إيلاماً وأشدها خدشا للروح هذه الكلمة التي توغل في جرح مشاعر الفتيات اللواتي تجاوزن سنا معينة ولم يتزوجن بعد…أسباب كثيرة قد تكون حالت بينهن وبين تحقيق أحلامهن بأن يكن ربات بيوت وأمهات..فمنهن من عزفن عن الزواج بملء إرادتهن إما بسبب فشلهن في إحدى التجارب العاطفية أو الاجتماعية أو لقناعة شخصية معينة….ومنهن أيضا من وقفت الظروف المادية وقسوة الواقع حجر عثرة في طريقهن فلم يستطعن الانتقال بحلمهن إلى حيز التنفيذ…..
ونلاحظ في ظل الظروف القاسية التي تعاني منها بلدنا ازديادا كبيرا في عدد اللواتي فاتهن قطار الزواج ونسين أنفسهن على رصيف محطة العمر….ولكن أي ذنب ارتكبته هؤلاء الفتيات كي يعانين من نظرة المجتمع والتي أقل ما يقال عنها أنها نظرة دونية ومجحفة بحقهن….فمنهن المدرسات والطبيبات والمهندسات والحقوقيات….والكثيرات منهن من ذوات الشهادات والثقافات العالية والمخضرمات في العديد من المجالات…سواء كانت اجتماعية أو سياسية اقتصادية……أليس هذا نجاحا بحد ذاته…أليس كفيلا بأن يرتقي المجتمع بنظرته إليهن….فلم الإصرار على اعتبارهن أنهن لا محل لهن من الإعراب…لماذا تصر الغالبية العظمى على إطلاق كلمة عانس عليهن على الرغم من المعرفة المسبقة عن حجم الضرر والأذى النفسي والروحي الذي تسببه هذه الكلمة
لنفكر ملياً ولننظر بعين الاحترام والتقدير لهذه الفئة من المجتمع والتي تحاسب على ذنب لم تقترفه….هذا الذنب الذي يفترض غالبية الناس وجوده واعتباره سبباً وجيهاً للاستهزاء والسخرية من هذه الفئة..ولندرك جميعاً أن أولائك الفتيات مهما بلغن من العمر فهن جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع وبعضهن من أهم الأفراد فيه….لنعي أيضا أن عدم زواجهن ليس سبباً لوضعهن على هامش الحياة أو إغلاق الباب في وجه طموحاتهن الأخرى..