في الوقت الذي استثارت فيه دبي حماسة العرب والعالم لاستضافة معرض إكسبو 2020، والذي سيلعن عن المدينة التي ستستضيفه اليوم، لا تزال ذكرى معرض دمشق الدولي “أقدم معرض في الشرق الأوسط” تقفز إلى ذهن المتابعين، هذا الكرنفال الذي بقيّ لنصف قرن كاحتفال شعبي يسمع ويشارك به القاصي والداني.. يقام كل عام على أرض مدينة دمشق.
إذ يعد “معرض دمشق الدولي”، من أهم الاحتفاليات العربية والعالمية في الشرق الأوسط، زواره بالملايين والمشاركين به كذلك. يحضّر له أهل الشام بشكل خاص وسورية بشكل عام، ويعتبرونه طقسا من طقوس حياتهم السنوية.
وترجع إحدى السيدات اللواتي كن يرتدن المعرض بذاكرتها، وتقول للاقتصادي: “قبل انطلاق المعرض بشهر تقريباً، كنت أنا وعائلتي نحضر الطعام واللباس الخاص لحضور فعاليات المعرض، كان كرنفالاً رائعا.. لا أنسى تلك الأيام، أحداث المعرض محفورة في ذهن كل سوري وعربي قدم وشاهد، كان الأطفال يلعبون والأهالي يلتقون وكأنه يوم من أيام العيد”.
تاريخياً
أقيم أول معرض في دمشق في الأول من أيلول عام 1954، واستمر لمدة شهر كامل وقد أقيم على مساحة وقدرها 250 ألف متر مربع وفاق عدد زواره عن مليون زائر من مختلف الدول، شاركت في الدورة الأولى للمعرض 26 دولة عربية وأجنبية إضافة لعدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية.
وكان افتتاح معرض دمشق الدولي في الخمسينات حدثا دولياً اقتصادياً كبيراً حقق نجاحا فاق التوقعات، وكان النجاح على المستوى الاقتصادي والتجاري وكذلك على المستوى السياحي، وأصدرت “المؤسسة العامة للبريد” حينها بمناسبة انطلاق المعرض طابع بريد تذكاري، وأصبح تقليداً مرافقاً لجميع دورات المعرض.
ثم أُحدثت بدمشق “المؤسسة العامة لمعرض دمشق الدولي” بالقانون رقم 40 تاريخ 13-9-1955م الصادر عن رئيس الجمهورية.
وتم تعديل اسم ومهام المؤسسة بالمرسوم التشريعي رقم 68 عام 2001م وأصبح اسمها “المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية”.
وانتسب إلى “اتحاد المعارض الدولية” في باريس عام 1958، وأصبح عضواً في اللجنة الإدارية لـ”الاتحاد الدولي” عام 1978، وفي مجلس إدارة الاتحاد عام 2002، وهو عضو في “الاتحاد العربي للمعارض والمؤتمرات الدولية” ومجلس إدارته ويترأس المكتب الإقليمي لدول المشرق العربي فيه.
نشاطات المعرض
لم يقتصر نشاط المعرض على الأجنحة الدولية للدول المشاركة، وللشركات والأجنحة الصناعية والتجارية ومراكز الأعمال والنشاطات الاقتصادية بل تقام فعاليات فنية وثقافية ترافق المعرض كل عام مثل المهرجان المسرحي الذي تشارك فيه فرق مسرحية من مختلف الدول وكذلك المهرجان والحفلات الفنية الذي شارك ويشارك فيها سنويا من سورية والدول العربية ودول لعالم نخبة من المطربين والمطربات مثل “أم كلثوم وفيروز” .
قوس المعرض
من أهم مظاهر “معرض دمشق الدولي”، هو قوس المعرض فقد كان علامة فارقة له منذ إنشاؤه، لكنه أزيل عقب افتتاح فندق “فورسيزنز” عام 2005، وكان القوس هو بوابة المعرض.
السيف الدمشقي
في مطلع ستينات القرن العشرين رفع الفنانون السوريون نصباً تذكاريا للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها.
هذا النصب، له واجهتان واسعتان متقابلتان من البلاستيك الملون، الواجهة الغربية تطل على ساحة الأمويين نفسها، والواجهة الشرقية تطل على باب “معرض دمشق الدولي”، وقد تم وضع لوحات من البلاستيك الشفافة، تمثل أعلام الدول المشاركة في المعرض كل سنة.
بعض من أهل الشام أطلقوا عليه اسم عمود الوحدة “الوحدة بين سورية و مصر” ومع مرور الوقت درج الناس على تسميته بـالسيف الدمشقي، وهي التسمية الرسمية له، وصار واحداً من أشهر رموز دمشق المعمارية وشعاراً للقناة الأولى في التلفزيون السوري، ومع انتقال معرض دمشق الدولي إلى مدينة أرض المعارض، فَقَدَ هذا النصب الفكرة التي أنشأ من أجلها لوضع أعلام الدول المشاركة به أي فقد وظيفته بعدها كُلِّف الفنان احسان عنتابي بتجديد واجهتيه اللتين صممهما الفنان عبد القادر أرناؤوط، فاستخدم الزجاج المعشّق، واستبدل الأشكال الهندسية المجردة بشكل زخرفي فني جميل يمزج بين النار والوردة ليكون هذا النصب واحداً من أهم وأكبر واجهات الزجاج المعشق في العالم.
المعرض الجديد
مع السنوات وزيادة الازدحام داخل مدينة دمشق بشكل كبير، كان لابد من مكان جديد للمعرض يوفر المساحات التي تناسب تزايد عدد الدول المشاركة والمشاركين والشركات الدولية والسورية وكذلك الزوار، فتم بناء “مدينة للمعارض الدولية” ولـ”معرض دمشق الدولي” على طريق مطار دمشق الدولي، وفق أفضل المعايير الدولية وعلى مساحة كبيرة وجهزت بأحدث نظم التكنولوجيا وتجهيزات المعارض العالمية، وأصبح المعرض يقام سنوياُ فيها، ويتميز المكان الجديد للمعرض بأنه يمتد على مساعة مليون ومئتي ألف متر مربع، مجهز بكافة الخدمات والقاعات.
بانوراما طرطوس- الاقتصادي