بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
في الوقت الذي تتراجع فيه إيرادات الدولة المالية إلى مستويات كبيرة نتيجة الأوضاع والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد تتجه الأنظار إلى ما ستقوم به الحكومة من إجراءات لتوفير السيولة اللازمة للإيفاء بالتزاماتها المختلفة وترميم الفجوة الحاصلة في الحقيبة المالية للدولة..
ولعل من أهم ما يمكن القيام به في هذا المجال هو التشديد في تحصيل الرسوم والضرائب المفروضة أصلاً، والتي غالباً ما يتم إتباع أساليب مبتكرة في التهرب منها أو التخفيف من حجمها.. علماً أن غالبية المتهربين هم من “الشريحة المرتاحة” من أصحاب الفعاليات الصناعية والتجارية والسياحية.. وإليكم البعض من الأمثلة:
– ألا يمكن التشدد في تحصيل الرسوم الحقيقية الخاصة بنقل وبيع وتأجير العقارات والتي غالباً ما يتم تخمينها بأرقام مضحكة تحاشياً لدفع الرسوم الحقيقية لخزينة الدولة..
– ألا يمكن التشدد في تحصيل الرسوم المالية المتعلقة برسم الإنفاق الاستهلاكي من المنشآت السياحية ابتداء من المطعم الصغير وصولاً إلى المنتجعات والفنادق…، مع العلم أن أصحاب هذه المنشآت يتقاضون هذا الرسم من المواطن ولكنهم يخفونه من السجلات التي يقدمونها إلى الدولة..
– ألا يمكن التشدد في تحصيل الرسوم الخاصة بالضرائب على مزاولة المهن المختلفة من صغيرها إلى كبيرها..وكلنا يعلم مدى التهرب الضريبي الذي يحصل في هذا المجال.
– ألا يمكن التشدد في تحصيل القيمة الفعلية للخدمات مثل المياه والكهرباء..واتخاذ إجراءات أكثر فعالية في محاربة التعديات والاستجرار غير المشروع لهذه الخدمات..
– ألا يمكن التشدد في تحصيل الرسوم الجمركية الحقيقية المتعلقة باستيراد البضائع والسلع.. مع العلم أن هناك فاتورتين: الفاتورة الحقيقية للبضاعة وكذلك الفاتورة “المزورة” المقدمة في البيان الجمركي الى مديرية الجمارك لتقليل قيمة الرسم المالي المدفوع لصالحة خزينة الدولة..
الجميع يعلم أن الأمثلة السابقة هي جزءاً بسيطاً من مجموع الحقوق المهدورة لصالح خزينة الدولة وهي في معظمها حقوق محصلة أصلاً من المواطن والمستهلك ولكنها مسلوبة من قبل فئات وأشخاص محددين ومعروفين وهنا الطامة الكبرى.. ولا ندري ما يمنع الحكومة من التشديد والحزم في استيفاء هذه الحقوق المشروعة بدلاً من تركها تذهب هدراً، مع العلم أن ذلك لا يحتاج إلى أي تشريع جديد بل إلى التدقيق والتشديد على التطبيق الصحيح لهذه القوانين.. إننا في وضع استثنائي ومن المهم أن نسعى إلى الحد من الهدر والإنفاق غير المبرر، وأيضا البحث عن مطارح ضريبية جديدة لا تؤذي أصحاب الدخل المحدود، ولكن وكما ذكرنا الأهم من ذلك تطبيق القوانين وتحصيل حقوق الدولة من ضرائب ورسوم وأموال مغتصبة إن صح التعبير..
كل ذلك ممكن أن يحدث بمزيد من التشديد والحزم والعمل المخلص، فإن نجحنا بذلك نكون قد ساهمنا في إدخال عشرات المليارات إلى خزينة الدولة وساهمنا في سد فجوة العجز المالي الذي تعاني منه هذه الخزينة..
إنهم بكل بساطة يعلمون هذه الحقيقة ولكنهم لا يفعلوا شيئاً إما كسلاً أو عجزاً وإما لغاية في نفس يعقوب!!..








