عبد الرحمن تيشوري /عضو مجلس الخبراء في وزارة التنمية الادارية
سوف نستعرض أبرز أساليب إدارة الأداء الحديثة في العالم ونرى امكانية الاقلمة وفق النموذج السوري / الياسمين الدمشقي / ، وذلك في
مجال تجربة تمكين العاملين
ومجال إعادة الهندسة
ومجال الهندسة القيمية
ومجال إدارة الجودة الشاملة
ومجال التفوق المقارن .
1- مدخل تمكين العاملين
يمكن إرجاع جذور نظرية تمكين العاملين إلى أفكار مدرسة العلاقات الإنسانية التي برزت إلى الوجود بوصفها رد فعل لإهمال الجانب الإنساني في معادلات العمل التي تبنتها مدرسة الإدارة العلمية التي قادها المهندس الصناعي فريدرك تايلور في الولايات المتحدة الأمريكية ، في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين . أي أن نظرية تمكين العاملين عن طريق تفويض المزيد من السلطة التنفيذية لهم وإشراكهم في صنع قرارات العمل إنما هي مرحلة متقدمة من أفكار المدرسة الإنسانية فيما عرف بمشاركة العاملين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي .
ويعرف بعض علماء الإدارة التمكين بأنه : ” تفويض أو منح أو إعطاء السلطة القانونية لشخص ما ” كما يعرفه البعض الآخر بأنه : ” إجراء يؤدي إلى توطيد إيمان الشخص بقدراته الذاتية ” وبأنه : ” شعور والتزام وظيفي لصيق ناتج عن إحساس الموظف بالقدرة على اتخاذ القرارات ، وتحمل المسئولية ، وأن أداءه يقاس بالنتائج ، وأنه ينظر إليه على أنه شخص مفكر ويسهم في الأداء وتطويره وليس مجرد زوج من الأيدي العاملة تنفذ ما تؤمر به ” ومن السهل جدا تطبيق هذه التقنية في المؤسسات العامة في سورية عبر تشريع بسيط يحدد مهام النائب والمعاون ورئيس القسم.
واضح من هذه التعريفات أن فكرة تمكين العاملين أو إشراكهم في إدارة المنظمة وصنع قراراتها تصب في اتجاه زرع الثقة بنفس الموظف ، وإشعاره بأنه عامل مهم في تحقيق أهداف المنظمة ونمائها ، وأن العاملين على اختلاف مواقعهم إنما هم شركاء لهم قيمة وأهمية رفيعة في رسم رسالة المنظمة وفي تحقيق هذه الرسالة وان نجاح الشركة والمنظمة مسؤولية الجميع وذلك ينهي شخصنة الموقع الموجودة بكثرة في سورية . وتشير نتائج البحوث إلى أهمية فكرة تمكين العاملين في دعم كفاءة وفاعلية الأداء والإنتاجية في منظمات الأعمال في القطاعين العام والخاص . فقد وجد أن هناك علاقة موجبة قوية بين التمكين لبناء الثقة بنفوس العاملين في المنظمات وبين الرضاء الوظيفي ، وجودة القرارات ، والانتماء للمنظمة ، ووضوح دور المسئولية الوظيفية ، ووضوح دور الأداء الإنتاجي ، وتصميم الوظائف ، ووسائل الرقابة ، والعلاقات بين الوحدات الإدارية ، والإبداع . كما وجد أن هناك علاقة وثيقة موجبة بين بناء الثقة وبين مستوى الاتصال في المنظمة . ووجد أن تدني فاعلية المنظمة له علاقة بضعف التمكين الذي يولد ضعف الثقة بين العاملين والإدارة . مثل هذه النتائج ترجح كفة الحاجة إلى زيادة استثمار نظرية تمكين العاملين في أجهزة الدولة في المستقبل ، بغية تحسين الإنتاجية والأداء في القطاع العام ودعم مستقبل الاقتصاد الوطني .
2- مدخل إعادة الهندسة ( الهندرة )
يركز أسلوب إعادة الهندسة على التغيير الجذري في عمليات المنظمة من أجل تطوير الإنتاجية في كمها وكيفها ومناولتها بهدف إرضاء العملاء والمواطنين والموظفين ورجال الاعمال . ويعود ظهور أسلوب إعادة الهندسة إلى عام 1990م على يد مايكل هامر الذي يعرف إعادة الهندسة بقوله : ” عندما يطلب منا تقديم تعريف موجز لمصطلح (هندرة نظم العمل) أو (الهندرة) ، فإننا نجيب بأنها : البدء من جديد ، أي البدء من نقطة الصفر ، وليس إصلاح وترميم الوضع القائم ، أو إجراء تغييرات تجميلية تترك البنى الأساسية كما كانت عليه . كما لا يعني ترقيع ثقوب النظم السارية لكي تعمل بصورة أفضل ، وإنما يعني التخلي التام عن إجراءات العمل القديمة الراسخة والتفكير بصورة جديدة ومختلفة في كيفية تصنيع المنتجات أو تقديم الخدمات لتحقيق رغبات العملاء ” والمواطنين والموظفين .
ويعرف إيراكيج إعادة الهندسة بأنها : ” تغيير المنهج الأساسي للعمل لتحقيق تطوير جوهري في الأداء في مجالات السرعة ، والتكلفة ، والجودة “. ويمكن من استعراض العديد من التعاريف الخلوص إلى التعريف التالي لعملية إعادة الهندسة بأنها: ” وسيلة إدارية منهجية تقوم على إعادة البناء التنظيمي من جذوره وتعتمد على إعادة هيكلة وتصميم العمليات الأساسية بهدف تحقيق تطوير جوهري وطموح في أداء المنظمات يكفل سرعة الأداء وتخفيض التكلفة وجودة المنتج ” .
إن أدبيات تطبيق أسلوب إعادة الهندسة تشير إلى عدة نتائج ، من أبرزها : أن هذا الأسلوب ، وإن كان قد نشأ وترعرع في أحضان مصانع القطاع الخاص ، إلا أنه قابل للتطبيق في إعادة هندسة العمليات في منظمات القطاع العام الخدمية والاقتصادية والادارية والتربوية . وأنه يعاب على أسلوب إعادة الهندسة أنه لا يقيم وزناً للإنسان العامل في المنظمة بسبب تركيزه على النتائج أي أن الغاية فيه تبرر الوسيلة ، كما تشير الأدبيات إلى أن التعقيدات والأوضاع غير المرنة في منظمات القطاع العام مثل عدم توافر الاعتمادات الكافية ، وضعف القدرة على تحفيز العاملين ، وتعدد أنواع الرقابة المالية والقانونية والإدارية إلى جانب عدم وضوح الأهداف ، كلها تضعف مفعول إعادة الهندسة في الأجهزة العامة وبكل الاحوال يمكن تطبيقه بشكل جزئي وقطاعي .
وبغض النظر عما ذكر من مصاعب تطبيق إعادة الهندسة في منظمات الأجهزة العامة لأسباب هي من طبيعة الجهاز العام ومن طبيعة البيروقراطية العامة ، فإن الرغبة في إنعاش الأداء في الجهاز العام السوري وفي تطوير الإنتاجية فيه تجعلنا نحبذ محاولات تطويع جميع أساليب التغيير ، ومنها أسلوب إعادة الهندسة لخدمة تطوير الأداء والإنتاجية في القطاع العام في الدولة ، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى زيادة كفاءة وفاعلية أداء الاقتصاد الوطني الوطني بعد التردي الكبير في هذا الميدان وعجز الحكومة الاداري والاقتصادي عن حل الكثير من المشكلات التي تعاني منها اجهزتنا العامة
- الرئيسية
- مقالات
- أساليب إدارة الأداء في المؤسسات الحكومية العالمية وممكن محاكاتها واقلمتها في جهاتنا العامة في سورية لكن بشروط اهمها قادة اداريون مؤهلون وفدائيون
أساليب إدارة الأداء في المؤسسات الحكومية العالمية وممكن محاكاتها واقلمتها في جهاتنا العامة في سورية لكن بشروط اهمها قادة اداريون مؤهلون وفدائيون
- نشرت بتاريخ :
- 2015-06-10
- 9:50 ص
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print
تابعونا على فيس بوك