بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
عام بالكمال والتمام يفصل الزيارة الأولى للسيد رئيس مجلس الوزراء عن الزيارة الثانية له إلى محافظة طرطوس.. وما حدث بينهما لم يكن كما نرغب او ينبغي أن يحدث.. حيث لم تتحقق الوعود بتحسين الواقع الخدمي والمعيشي بل على العكس ازداد الوضع سوءاً وتعقيداً.
لقد وضع منظمو الزيارة الأخيرة برنامجاً “غنياً” بالتدشينات وأحجار الأساس لمشاريع قديمة وجديدة للقطاعين العام والخاص وبعضها له أكثر من سنة في الخدمة وبعضها الآخر تحصيل حاصل.. ويبدو أن كل ذلك لا يعني شيئاً مهماً لغالبية المواطنين في هذه المحافظة..
الإيجابية الوحيدة لزيارة الدكتور الحلقي ربما كانت “الخرجية” التي منحها لمحافظة طرطوس والتي تبلغ 885 مليون ليرة والهدف منها تنفيذ مشاريع تنموية وخدمية ولسد العجز الكبير في معظم القطاعات والمشاريع والمؤسسات والدوائر وكذلك للمساهمة في دعم اسر الشهداء .. ولكن ماذا يمكن أن تفعل هذه “الخرجية” في ظل هذا العجز الكبير وهذا العوز المتزايد..!!
لقد اختار منظمو الزيارة ابراز الجوانب المضيئة في هذه المحافظة للسيد رئيس الحكومة من خلال زيارة بعض المشاريع والمنشآت.. متناسين الكم الكبير من المشاكل والصعوبات والقضايا المزمنة والتي تحتاج الى قرارات حاسمة بحجم رئيس الحكومة ووزرائه.. والسؤال هنا لم يستغل المنظمون هذه الزيارة لمعالجة هذه القضايا بدلاً من اقامة كرنفالات التدشين.. واليكم بعض الأمثلة:
لقد تم تكريم عدد من ذوي الشهداء.. وكان من المهم ايضا البحث عن حلول جذرية للمعاناة التي يكابدها هؤلاء بالإضافة إلى الجرحى والمفقودين وبما يضمن حفظ حقوقهم وكراماتهم..
كما وضع رئيس الحكومة حجر الأساس للمرحلة الثانية من السكن العمالي.. وكان من المهم ايضا البحث عن حلول لموضوع تخصيص قطعة أرض لمشروع السكن الشبابي المتعثر من عشر سنوات.
تم تدشين ساحة للتجانس في معمل الإسمنت.. وكان ضرورياً أكثر البحث عن حلول للانبعاثات الغبارية التي تهدد اهالي المناطق المحيطة بالمعمل..
كما وضع حجر الأساس لجامعة طرطوس.. وكان الأهم العمل على التخفيف من معاناة الطلاب وسد النقص الحاصل في عدد القاعات والكوادر التدريسية والمناهج..
تم تدشين شركة خاصة للمطاحن.. وكان من المهم ايضا البحث في تعديل البلاغ رقم عشرة الذي يعيق قيام استثمارات صناعية خاصة كبيرة في هذه المحافظة.
كما دشن مدرسة للتعليم الخاص ومسبح في مدرسة أخرى بينما كان من الأفضل البحث عن حلول للمشاكل المتفاقمة التي يعاني منها التعليم العام في ظل الزيادة الكبيرة في عدد الطلاب الوافدين وعدم بناء مدارس جديدة..
كما دشن رئيس الحكومة عقدة الخريبات الطرقية والتي تم انجازها بفترة قياسية.. وكان من المهم اكثر البحث عن حلول جذرية لاستئناف العمل في مشروعي عقدتي مدخلي طرطوس الشمالي والجنوبي المتعثرين منذ سنوات طويلة..
كان يجب ان تستغل زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء لمعالجة الكثير من الملفات الحساسة والساحنة ومن بينها مشروع وادي الهدي لمعالجة النفايات الصعبة الذي دشنه الدكتور الحلقي منذ أكثر من عام ولكنه لم يقلع بالعمل فعلياً بالشكل المطلوب.. كما كان من المناسب البحث في ايجاد حل لمشاكل الاستملاكات المزمنة ومن بينها استملاك الكورنيش البحري وعقدة الشيخ سعد ….وغيرها، وكان من الضروري ايجاد حلول لمشاكل لمناطق المخالفات والتجمعات السكنية في مناطق المخالفات في محيط المدينة…
باختصار.. هناك الكثير الكثير من العوائق والقضايا العالقة… وكان من الضروري إقامة حلقات عمل موسعة بحضرة السيد رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين لمعالجتها وايجاد الحلول المناسبة لها….ولكن هذا لم يحدث في ظل استمرار المسؤولين في هذه المحافظة اتباع سياسة الهروب إلى الأمام وعدم مواجهة ومعالجة هذه القضايا الهامة والمزمنة…







