بانوراما طرطوس – عبد العزيز محسن:
رغم مرور أكثر من شهرين على بداية تطبيق قانون التموين الجديد إلا أن لا شيء قد تغير على أرض الواقع.. فالفوضى لا تزال سيدة الموقف في جميع الأسواق في ظل غياب شبه كامل للرقابة التموينية وعدم تسجيل أي تدخل ايجابي للدولة في لضبط الأسعار وعودة استقرار الأسواق..
قانون التموين الحالي “رغم علاته” يبقى مقبولاً في هذه الظروف ولكن العبرة تبقى في آليات ووسائل التطبيق على أرض الواقع.. ونعود مرة أخرى إلى الأسئلة المعتادة: من يراقب من؟ وهل يكفي عدد عناصر الرقابة؟ ومن يضمن حسن هذه المراقبة؟..ألخ من الأسئلة التي لا يوجد أي جواب مقنع لها..فالأداء الشخصي لا يزال هو السمة البارزة في أداء دوريات التموين “على قلة عددها وعديدها”، وهذا ما أكده العديد من أصحاب المحلات التجارية حول الذي تغير بالنسبة لهم بعد صدور القانون الجديد منوهين أن لا شيء قد تغير سوى رفع “إكرامية” عناصر التموين الذين يستمرون في اتباع سياسة الابتزاز مرددين دائماً أن القانون الجديد قاس جدا وغرامة المخالفين قد تصل الى مئات الألاف الأمر الذي يدفع التاجر إلى طلب تسوية ودية مع عنصر التموين مقابل عدم تنظيم الضبط..
هذه الحالات تحدث بكثرة والجميع يعلم ذلك.. والسؤال هنا ماذا أعدت مديرية حماية المستهلك لمعالجة مثل هذه الحالات.. أما الأمر الأكثر الحاحاً في المعالجة فهو ضرورة ضبط التسعيرة وتحديد هامش السعر والالتزام به فمن المعروف ان دوريات التموين يقتصر دورها ومراقبتها على وجود بطاقة التعريف والمدون عليها السعر بغض النظر عن الأسعار المدونة والتي قد تكون مرتفعة بدون وجه حق وهنا الطامة الكبرى..
وبنفس السياق هناك من يرى أن المشكلة الأساسية تكمن في أداء الوكلاء والموردين وكذلك الشركات الصناعية التي تتحكم بحركة الأسواق عبر الإمداد والتأثير على حركة العرض والطلب وهي التي تحدد الأسعار الأولية والنهائية بعد احتساب التكاليف والمصاريف المختلفة.. أما موافقة وزارة التجارة الداخلية على هذه الأسعار فتكاد تكون تحصيل حاصل حيث تصادق اللجان المشكلة لهذه الغاية على الأسعار المقترحة من كبار التجار بدون أية تعديلات تذكر.. فإلى هذه الدرجة تثق الوزارة ببيانات الاستيراد وتكاليف الانتاج التي يقدمها كبار التجار أو حيتان الأسواق إن صح التعبير..
من جهة ثانية، لا بد من الاعتراف أن قضية ضبط الأسعار ليست مسؤولية وزارة التجارة الداخلية وحدها فهناك العديد من العوامل المتداخلة والمركبة من بينها أدوار لبعض الجهات ذات العلاقة مثل دور المصرف المركزي في تمويل المستوردات وضبط سعر الصرف وكذلك موضوع الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم وصولاً الى مخاطر الشحن الداخلي والخارجي وارتفاع اسعار الوقود والنقل بين المحافظات.. وكلها عوامل تسهم في عدم استقرار الأسعار، لذلك لا يمكننا أن ننتظر ايجاد حلول سحرية لمشاكل ارتفاع الأسعار ما لم يتم حل المشاكل المشار إليها.. وما علينا هنا سوى الانتظار وربما توقع حدوث الأسوأ في هذا المجال.. لا سمح الله.