تخطى إلى المحتوى

سد الدريكيش.. بيئة ملائمة لأقوى الاستثمارات السياحية

سد الدريكيش، عندما يُذكر هذا المصطلح يتبادر إلى الأذهان ومن دون تردد نهر قيس دائم الجريان، الذي يعتبره أهالي المنطقة سيد أماكن الرحلات والتنزّه والاستجمام، والتمتع بجمال الطبيعة وممارسة الهوايات بكل أنواعها، وخاصة للرواد من صيادي الأسماك أو الطيور بكافة أنواعها، ولهذا النهر قصص وحكايا كان يرويها الكبار للأبناء والأحفاد تتغنى بأمجاد هذا المسيل العظيم من المياه العذبة الرقراقة، عندما كانت تدور الطواحين المبنية على أكتافه بشكل هندسي ذي أقواس وحجارة منحوتة بمهارة، حيث يتوافد الفلاحين من كل حدب وصوب منتظرين وقت دخول حبوبهم بين أحضان حجارة سوداء تخرج بلون ورائحة مشبعة بتعب سنة كاملة من العناء والجني، بعض القصص المروية عن تلك الأوقات المقضية أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة كمرافقة الضباع والسباع لقوافل مواسم الحبوب المحمولة على البغال والحمير، أو رؤية أشباح هائجة تتناوب على نوافذ الطاحونة بسرعة البرق، أو رؤية مداسات ضخمة لأرجل غريبة، أو حكايا عن ارتفاع منسوب النهر والتهامه للناس والحيوانات وتغييره لتضاريس المنطقة، وطرائف أخرى متنوعة، وبالعودة للسد الذي أُنشئ حديثاً بعد عناء طويل والذي لم يأخذ حقه من الاستثمار الفعلي حتى اللحظة وخاصة لجهة الإرواء بأشكاله أو حتى إعطاء ضفافه صبغة سياحية، كاستثمار مواقع مجاورة له أو تحويلها لمتنزهات شعبية تستوعب أهالي المنطقة وزوارها.

أما عن مواصفات السد وميزاته فهو يقع قرب قرية الدلبة على نهر قيس تشرف عليه قرية البريخية وسريجس وحاموش رسلان والدلبة ومدينة الدريكيش، طوله حوالي ٢٧٦ م وارتفاعه ٤١ م تشكلت خلفه بحيرة طولها ١كم وعرضها ٣٥٠ م تنتهي عند نبع الدلبة المغذي للنهر، وهو مصدر رئيسي لمياه الشرب، سعته التخزينية ٦ ملايين متر مكعب، قامت مديرية الموارد المائية في طرطوس ببنائه، أما الطبقة الإسفلتية فقد أنجزتها الشركة العامة للبناء والتعمير بجهود وتقنيات عالية المستوى، ومن ناحية الخدمات المتوفرة حول البحيرة فقد بدأت بعض المحاولات الفردية من أهالي المنطقة يمتلكون من الفن السياحي قدراً مهم من تلوين حياة الزوّار بمناظر وخدمات مطعمية مميزة، حيث يقدّمون على طاولات الزوار  ما لذّ وطاب من مزروعات وخضراوات محلية ترعرعت بجانب هذا السد تعيش على مياه نظيفة تروي العين والقلب لشدة نقائها وصفاء لونها، بالإضافة إلى ذلك فقد فعل هذا السدّ فعلته الحسنة عندما استوعب فئة كبيرة من المتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود، فكانت ضفافه على موعد شبه يومي بصيادين محدثين يمتطون أسهل وسائل النقل من دراجات هوائية أو نارية نظراً لقرب المكان، هم ينتظرون حظهم من سمكة قد يسوقها حتفها إلى طعم صنّارة أحد الجالسين لتكون بداية مشرقة لتحضير سفرة لذيذة لسمك يقضي حياته بأنظف المياه الجارية، وأصبحت مهنة صيد السمك بالصنارة من أهم الطقوس التي تمارس حول جسم ذلك السدّ وخاصة أيام العطل وأوقات الفراغ، ومن أنواع هذه الأسماك البوري النهري والمشط والكارب (المزروع).

ومن المهم جداً المحافظة على نظافة تلك المنطقة، فهي بحاجة إلى عمل جماعي يبعد كل أشكال الإهمال والتلوث البيئي وذلك بإبعاد مصبات الصرف الصحي ومخلفات المطاعم عن جسم السد، والعمل على نشر الوعي بين الزوار من خلال إشارات الدلالة واليافطات وعبارات التوعية، فتلك المنطقة قبل أن تكون تابعة لمؤسسات الدولة هي ملك لعيون الناظر الزائر والعابر، فبقدر الإعجاب بتفاصيلها يجب المحافظة على سلامتها من أيدي العابثين والمتربصين الذين لا يوفرون فرصة لتخريب أحلام أناس ضحوا بكل نفيس لتبقى قوة وهيبة مؤسسات الدولة الرسمية.

بانوراما سورية-سليمان حسين-الوحدة

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات