تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يهنئ الرئيس تبون بفوزه في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً برفع نسبة تعيين الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية في الجهات ال... روسيا تطالب بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي الذي ينتهك السيادة السورية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل المواد المتعلقة بالعملية الانتخابية لغرف التجارة وغرف التجارة والصن... الرئيس الأسد يترأس اجتماعاً للقيادة المركزية.. وبحثٌ لدور كتلة الحزب داخل مجلس الشعب اللجنة العليا للاستيعاب الجامعي تقرر قبول الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية بفروعها كافة في الجامعات... الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب: مجلسكم هو المؤسسة الأهم في مؤسسات الدولة وتأثيره لن يكون ملموساً إن لم... بحضور عرنوس وعدد من الوزراء.. ورشة عمل حوارية حول التغيرات المناخية وسبل مواجهتها مجلس الشعب المنتخب يعقد أعمال جلسته الافتتاحية من الدورة الاستثنائية الأولى للدور التشريعي الرابع بهدف تطوير بيئة أعمال المشروعات.. مجلس الوزراء يعتمد التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية

تهمة الرشوة بين “عين رأتْ وأذن سمعتْ”!

*عبد اللطيف عباس شعبان

ليسوا قلّة أولئك الذين يتحدثون عن تعقيدات معاملات المواطنين في الإدارات العامة، وحجم الرشاوى التي يدفعونها لتنفيذ بعض المعاملات في هذه الإدارات، والغريب في الأمر أن البعض يقول ما من معاملة تمرّ دون رشوة، وأحد المتقاعدين تحدث أنه دفع رشوة في أكثر من مكان لتسيير أوراق تقاعده، وحقيقة الأمر أنني لست مع أصحاب هذه الرؤى، فقد أمضيت 36 عاماً في العمل الوظيفي، ولم يحدث أن ارتشيت، وذات مرة ترك أحد المواطنين ورقة نقدية على طاولتي – بعد أن أنهيت له معاملته – وخرج مسرعاً، فندهته لاسترجاع المبلغ، وحين لم يفعل خرجت وراءه إلى مدخل المديرية وأعدت له الورقة.

وأنا بدوري كمواطن لي علاقات شخصية مع الجهات العامة، ولكن لم يحدث أن قدَّمت رشوة أو أن طلب أحد مني ذلك، أثناء مراجعاتي لهذه الجهات طيلة حياتي، وأثناء تسيير معاملة تقاعدي أفادني الموظف المعنيّ في الرقابة المالية بوجود إشكال ما في أوراقي، ولكن لم يبدُ منه ما يظهر رغبته بالرشوة، بل على العكس أعلمني بالخطوات الواجب عليَّ اتباعها للخلاص من هذا الإشكال، وفعلت ذلك، وأثناء وجودي في العديد من الإدارات العامة، كنتُ أرى استماع الموظفين لجميع المراجعين وتلبية طلباتهم، وما من مرة تواجدت في جهة عامة إلا ورأيت تعاملاً جيداً من الموظفين –بما في ذلك المدراء- مع المواطنين ومعالجة معاملاتهم بكل رتابة، لا بل والاستماع بإصغاء إلى شكاويهم الشفهية ومعالجتها.

المؤسف أن بعض المواطنين قد لا يتابع معاملته المتابعة المطلوبة منه جهلاً أو تجاهلاً، أو لا يكون مُحقّاً في طلبه، أو لا يحسن عرض طلبه بشكل موثق، أو أن تلبية طلبه ليس من اختصاص الجهة التي يراجعها، أو أن الواقع الحالي لا يمكِّن من تلبية طلبه الحق، أو أنه يريد تلبية طلبه بسرعة بغضّ النظر عن الالتزام بالتوقيت اللازم لتنفيذ بعض الإجراءات المتتالية اللازمة لذلك، ما يغلق الباب أمام إمكانية معالجة طلبه، ومن الملاحظ أن أغلب المتحدثين عن سوء تعامل الموظفين مع المراجعين هم من هذه النماذج، وهذا لا ينفي أبداً أنه يوجد في بعض الجهات العامة أحد الموظفين المرتشين، الذي يعرف كيف يصطاد المواطنين البسطاء، أو المليئين مالياً أثناء تسيير معاملاتهم!

كلمة حق تقال، قبل أيام كان لي معاملة في جهة عامة، وإذا بعشرة مواطنين مصطفين باكراً قبلي بالدور المنظم، وأفاد أحد الموظفين أن العمل يبدأ مع مجيء الكهرباء في الساعة التاسعة والربع، ومع حلول التوقيت باشر الموظفون العمل وعدد المصطفين قد قارب الخمسين، وكان أحد الموظفين يقف خارجاً بقرب المراجعين وينبّههم للتقيد بالدور وينظمه، وقد فعل خيراً –دون رشوة- عندما استثنى من الدور امرأتين ورجلاً يتوكأ على عصاه متعباً، دون أن يطلبوا منه ذلك، كما أنه توجد ملصقة على الباب تنبّه المواطن أن كلفة ورقة المعاملة 300 ل. س، وقد لاحظت أن الموظف لا يأخذ قيمة الورقة من المواطن المراجع مسبقاً، بل يسلمه ورقته أولاً، ومن ثم يقول له: أعطني 300 ل. س ( إذ مكتوب على الورقة أن قيمتها 300 ل. س )، ولكن ما من مواطن دفع 300 ل. س فقط، بل كانوا يدفعون “خمسمائة” أو “ألفاً” أو “ألفين” طواعية، ويذهبون دون أن تبدو على أي منهم علامة أنه يريد الفرق، وعندئذ أحضرت بيدي 300 ل. س تقيُّدا بالمبلغ المطلوب رسمياً، وعندما جاء دوري قال لي الموظف يوجد عندك إشكال، أدخل إلى داخل المديرية لمعالجته -وفعلاً كان يوجد عندي إشكال- وعند دخولي عالج الموظف المختص وضعي، وقال لي اذهب إلى الغرفة التالية، فعالج الموظف الثاني وضعي أيضاً دون أية رشوة، – ولا أعرف أياً من الموظفين – وأعطاني الورقة المطلوبة وطالبني بـ300 ل. س، عندئذ وضعت في جيبي الـ300 ل. س خجلاً من نفسي، وأعطيته ورقة 500 ل. س، وبعد خروجي ندمت لأنني لم أعطِه ألفاً، وفي هذه الحالة لا أرى أن الموظف قد ارتشى، فالمراجعون أعطوه مختارين، وهذا أقرب ما يكون إلى الإكرامية التي يصرّ عليها بعض من يعطوها، رأفة منهم بالموظف المسكين الذي راتبه لا يكفي مصروفه الشخصي، ويقبلها البعض تحت هذا العنوان.

وكثيرون يتهمون شرطي المرور بالرشوة، أما أنا فخلال الأعوام الماضية ارتكبت ثلاث مخالفات مرور بسيارتي المتواضعة -خطأ ًمني وعن غير قصد- وفي كلّ مرة كان يوقفني شرطي المرور غاضباً مني، ولكن أعتذر منه بلطف، ولم يخطر ببالي أن أرشيه، ولم يُبدِ رغبته بذلك، بل يقول لي كلمات لطيفة مع توصية، “انتبه ثانية والله معك”، وهذا ما رأيت وحدث معي فعلاً، ولذا فعن تهمة الرشوة أقول: شتَّان ما بين عين رأتْ وأذن سمعتْ.

سينبري من يقول لي: سبحان الله يا رجل، وكأنك لست في هذا البلد، ألا ترى أن حجم الرشوة كبير جداً، وهنا أجيبه أنا لا أرى ذلك!

نعم.. الرشوة موجودة، ولكن ليس بالحجم الذي يُثار موضوعها من الغير، وتكاد تكون نسبة الرشوة هي الأقل بين مجموع حالات الفساد الأخرى الكبيرة (غش – اختلاس – تقصير في العمل – سوء في العمل – تخريب متعمَّد..). وحال وجود الرشوة، فالراشي والمرتشي شركاء في الجرم، ويصح الحديث الذي يقول: “لعن الله الراشي والمرتشي والراشي بينهما”، ومن غير الجائز أن يبرّر البعض الرشوة بحجة ضعف الرواتب، أما تبرير الإكرامية فهذا شأن آخر.

عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

منشور في صحيفة البعث صفحة اقتصاد ليوم الاثنين 26 / 9 / 2022

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات