بانوراما طرطوس- كفاح عيسى:
ها هي قوى كبرى تعيد حساباتها وتراجع سياساتها, فيما يتعلق بالمواقف من الأزمة السورية في ضوء المستجدات على الساحة الداخلية, إعادة وتراجع فرضه بالدرجة الأولى صمود دولة وطنية متمثلة بجيش وقيادة وشعب قدم ومازال مستعدا لتقديم المزيد من القرابين فداء عن وطن عشنا وتنعمنا جميعا ببركاته وخيراته الوفيرة.
قوى كبرى في مقدمتها أمريكا التي ما فتئت من الأسابيع الأولى للأزمة القول وبشكل صريح وواضح لا لبس فيه بضرورة(تنحي)رمز الممانعة الرئيس بشار الأسد فقط لأنه يحمل هذه الخاصية والميزة التي تفرد بها عن باقي ملوك ورؤساء عرب, وعلى لسان وزير خارجيتها جون كيري بتصريح لايحتمل تأويلا أو تراجعا بقوله : (لايمكن حل الأزمة في سورية سياسيا بدون التفاوض مع الرئيس الأسد والجلوس معه حتى النهاية) , تصريح مايزال يثير جدل حتى عند حلفاء المركز الأساسيين إضافة إلى صدمة وردات فعل عشوائية تعكس تخبطا عند ملحقين بواشنطن , وهامشيين من عملاء الأطراف في ممالك وإمارات الزيت والغاز حيث القواعد وحاملات الطائرات . صدمة بفعل مواقف متسرعة أكثر راديكالية (تشددا) . فكانوا ملوكا أكثر من الملك كما يقول المثل . متوهمين بوزن وأهمية في حسابات السياسة الأمريكية التي لاتأبه لغير المصالح فقط مرتكزة على فلسفة نفعية تمثل جوهر النظام الرأسمالي العالمي.
الوزير الأمريكي فيما قاله بالأمس يحاكي إلى حد بعيد ماكان يقوله الرئيس بشار الأسد من بداية الأزمة : (إن سورية والمنطقة تشهد إرهابا متصاعدا يجب محاربته لأنه خطر مستقبلي ليس على سورية فحسب وإنما قد تصل تأثيراته إلى أوروبا) .
وهذا ماحصل فعلا من خلال انتشاره في أكثر من ساحة عربية, وتفجيرات باريس , وحوادث قتل قام بها متشددون في أكثر من مدينة أوروبية .
ويضيف الوزير الأمريكي لدينا مع (نظام الأسد) عدو مشترك هو داعش.
داعش : تنظيم إرهابي نمى وكبر وازداد عدة وعتاد على مدى عامين والدعم يتدفق إليه من كل حدب وصوب على مرأى من العالم (الحر) .
فالذي تغير هو فشل الرهان على سقوط سريع حددت له مهل تتراوح بين الأسابيع والأشهر .
الذي تغير هو سقوط مشروع هائل بخطورته أريد تحقيقه من خلال أكذوبة (الربيع) العربي.
إنها الهزيمة بالمعنى الإستراتيجي . أربع سنوات من التآمر لم يبقى معه قاذورة في الأرض من إعلام وسياسة وتحريض مذهبي إلا وحشدت للنيل من سورية وقائدها . هذا القائد الشاب, المثقف والشجاع , صاحب مشروع إصلاحي للنهوض الداخلي اصطدم بعقبات الخارج, قائد قال عنه أحد السياسيين المرموقين : (لو ارتجفت ركبه خلال الأزمة ولو لمرة واحدة لتغير وجه المنطقة برمته).
إنه فشل إرهاب وهابي متشدد تدفق من ثلاث قارات للنيل من شعب ونظام وطني مقاوم فكان حسن ظن وثقة متبادلة بين قائد وشعبه تمكنا معا من قهره هاهو يرتد على أعقابه.
إنها إكذوبة عشناها على مدى أربع سنوات , إكذوبة وحش البحيرة وكما وصفت إحدى قنواتنا الوطنية: وحش تخشاه لأربع سنوات لابد أن يكون وهماً.