لخريجي اختصاصات كل من الطب والهندسة والصيدلة والفروع التعليمية، نقابات تجمعهم مثل (نقابة الأطباء – نقابة أطباء الأسنان – نقابة الصيادلة – نقابة المهندسين – نقابة المهندسين الزراعيين – نقابة المعلمين – نقابة المحامين)، فضلاً عن منظمات شعبية ومهنية أخرى مثل (اتحاد الصحفيين واتحاد الكتاب واتحاد الفلاحين واتحاد الحرفيين واتحاد العمال وغرفة الصناعة وغرفة التجارة وغرفة الزراعة)، وتساهم هذه التنظيمات في تنظيم عطاء أعضائها، وتؤمّن لهم المزيد من الخدمات المفيدة جداً أثناء الخدمة الوظيفية وما بعدها، وجميع هذه النقابات والمنظمات تملك الحسابات المصرفية بعشرات أو مئات ملايين الليرات السورية، وتملك الدور والقصور في جميع المحافظات، ويندر أن نجد اختصاصاً علمياً أو مهنياً دون منظمة تجمع أغلبية أعضائه، وما من تشريع يمنع أن يكون المواطن منتسباً لأكثر من منظمة أو نقابة، فقد يكون المهندس عضواً في نقابة المهندسين كمهندس، وفي نقابة العمال كعامل في إدارة عامة، وفي نقابة المعلمين في حال كان مدرساً، وفي اتحاد الفلاحين في حال كان يملك عقاراً زراعياً.
لكن الاقتصاديين حملة الشهادات الجامعية في العلوم الاقتصادية بأنواعها، الذين يُعدُّون بعشرات الآلاف، لم يتلاقوا -حتى تاريخه- لإحداث نقابة خاصة بهم على غرار نقابات واتحادات خريجي كليات الفروع الجامعية الأخرى، واقتصر الأمر (قديماً) على إحداث رابطة خريجي التجارة التي ليس لها صفة نقابة ولا منظمة شعبية، ولم نعُد نسمع بأي نشاط أو حضور ميداني لها (إذا كانت ما زالت موجودة)، والموجود الفاعل في الساحة الاقتصادية الوطنية هو جمعية العلوم الاقتصادية السورية، المحدثة منذ عام /1965/ وهي عضو في اتحاد الاقتصاديين العرب، ولكن ما زال مقرها صغيراً جداً وبالإيجار، ومواردها تتوقف على اشتراكات رمزية للأعضاء وبعض التبرّعات، ورصيدها المصرفي زهيد جداً، مخصّص لأجور المكتب وأجور عامل الخدمة، ونفقات الاتصالات والمراسلات والمطبوعات، ونظامها الداخلي لا يتضمّن تقديم أية خدمة أو تعويض لأعضائها ولا حتى لأعضاء مجلس إدارتها ومن يشاركون في نشاطها الفكري الاقتصادي التوعوي التنموي النقدي التوجيهي الذي كانت تقيمه هذه الجمعية كل عام منذ عشرات السنين عبر ندوة الثلاثاء الاقتصادية التي توقفت خلال العامين الأخيرين بسبب الظروف الأمنية، أو عبر الكثير من الندوات والملتقيات الفكرية التي ما زالت قائمة، فهؤلاء لا يتقاضون أية تعويضات لقاء ذلك، علماً أنه قد استفاد من نشاط هذه الجمعية الكثير من الباحثين والدارسين والرسميين، في حين لم تشهد الساحة الوطنية نشاطاً مماثلاً لبقية النقابات والمنظمات التي تملك رصيداً كبيراً /نقدياً وعينياً/ ولديها مقرات ومجالس إدارات وتعويضات وسيارات وعاملون ورواتب وميزات كبيرة لجميع الأعضاء.
الغريب في الأمر أن آلافاً من حملة الشهادات الجامعية في الاقتصاد منهم عمداء ومدرسون في الجامعات والمعاهد، وعاملون في الإدارات العامة من مرتبة وزير وما دون فضلاً عن الكثير ممّن يعملون في القطاع الخاص، لم يتداعوا إلى تشكيل نقابة تجمعهم على غرار خريجي الاختصاصات الجامعية الأخرى ولم ينتسبوا إلى جمعية العلوم الاقتصادية التي تضم قرابة 15{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} من خريجي الاقتصاد وثلثاهم غير فاعل..!.
ألا يحق للمراقب عن قرب وعن بعد أن يتشاءم بشأن جهود هؤلاء في بناء الاقتصاد السوري، فمن لا يستطيع أن ينظّم نفسه، لا يستطيع أن ينظّم غيره!، وبالتالي فإن توقع هؤلاء أن السلطات الرسمية لا توافق على إحداث نقابة للاقتصاديين هو مصيبة، أما إذا كانوا لم يتقدموا بطلب ذلك فالمصيبة أعظم!.
وأقول لهم إن الأطباء البيطريين (مع تقديري لهم) على قلّتهم، قد أسّسوا نقابة لهم قبل سنوات قليلة، فأين الاقتصاديون من إحداث النقابة الخاصة بهم، أما أنا فقد اقترحت وطالبت بذلك مراراً عبر الإعلام وعبر مؤتمرات وندوات، وانتسبت إلى جمعية العلوم الاقتصادية عقب تخرّجي فوراً برقم عضوية /82/.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
هذا المقال منشور في صحيفة البعث ص3من العدد 2015رقم / 15291 / تاريخ-4-15-15291