من حق أي شخص يمتلك معلومة تهم الصالح العام، أن يتقدم بها للجهة الحكومية المعنية، بغض النظر عن ماهية استفادته من المعلومة، فالمهم هو دقة المعلومة وواقعيتها، بمعنى أنها ليست عبارة عن “تكهنات” أو “قيل وقال”، كما أنه من المهم أن يكون مقدم المعلومة معلوماً، وليس “فاعل خير” كما جرت العادة، سواء بقي اسمه سرياً أحياناً لحساسية ما قدمه من معلومات، أو تم تزيل مذكرته أو شكواه باسمه الصريح. لكن ما يحدث اليوم، أنه باستطاعة أي شخص أن يشغل الجهات الرقابية والوزارات بتقرير يمزج فيه بين المنطق والتخريف والكذب، ودون أن يُعرف أو يحاسب عند اتضاح حقيقة ما كتبه وروجه من معلومات، وهذا حدث ويحدث يومياً في كثير من المؤسسات والجهات الحكومية، ومع انتشار صفحات التواصل الاجتماعي ونشر القائمين عليها كل ما يصلهم دون تدقيق وتحقيق، باتت الظاهرة تمثل خطراً يستوجب المعالجة الحكومية، فالعديد من الكفاءات تتردد كثيراً في قبول أي مهمة، ومعظم الموظفين يحجمون عن تقديم المبادرة واقتراح أفكار للتطوير خوفاً من تقرير صغير يقضي على مستقبلهم، الذي لن تعيده كلمة اعتذار أو حكم قضائي بالبراءة.
ولضبط هذه الظاهرة والحد من تأثيراتها السلبية، لابد من تدخل حكومي، عبر تعميم لرئيس مجلس الوزراء أو آلية عمل تحددها وزارة التنمية الإدارية، يتم بموجب ذلك بيان الإجراءات والخطوات المفترض إتباعها عند تقديم أي شكوى تتعلق بالشأن العام وعمل مؤسسات وجهات الدولة، والحالات التي تفرض على الجهات الرقابية التحرك فيها للتحقيق أو تحويل الشكوى والتقرير إلى سلة المهملات.
فمثلاً، لابد لتسجيل وقبول أي شكوى أو مذكرة أن يتم ذكر اسم صاحبها بشكل صريح مرفقة بصورة عن هويته الشخصية، ليكون على دراية كاملة بما يفعل، ويتحمل مسؤولية عدم ذكر أي معلومات لم تثبت صحتها، أو منحه ما يستحق من تقدير وتكريم، فيما لو أسهم باكتشاف هدر للمال العام أو التنبيه من حدوث مخالفات وتجاوزات…الخ.
كما أنه من المهم أن يتم تحديد القنوات النظامية لإرسال الشكاوى والمعلومات، والجهات المعنية بقبولها ومعالجتها، ومتى يمكن مخاطبة الوزير أو رئيس الوزراء من قبل أي شخص، والإجراءات المفترض بجميع المسؤولين والجهات اتباعها للحيلولة دون التساهل بمعالجة شكوى نظامية وتتضمن معلومات ذات مصداقية…لكن أن يبقى الحال على ما هو اليوم، فذلك من شأنه عرقلة العمل، وترك الباب لكل من “هب ودب” لتصفية حسابات ومصالح شخصية على حساب الكفاءات والخبرات والمؤسسات، ودون أن يحاسبه أحد.
سيرياستيبس