تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يتلقّى برقيات تهنئة من قادة ورؤساء دول عربية وأجنبية بمناسبة الذكرى الثامنة والسبعين لع... الجلاء في ذكراه الثامنة والسبعين… تكريس الاستقلال وخيار المقاومة الرئيس الأسد يؤدي صلاة عيد الفطر في رحاب جامع التقوى بدمشق الرئيس الأسد يؤكد خلال لقائه عدداً من كبار علماء الشام دور المؤسسة الدينية بترسيخ الاستقرار من خلال ... الرئيس الأسد والسيدة الأولى يشاركان في إفطار جماعي بالمدينة القديمة في طرطوس الرئيس الأسد يلتقي المدرسين الفائزين بالمراتب الأولى في المسابقة العلمية التي أقامتها وزارة التربية الرئيس الأسد يلتقي ضباطاً متقاعدين: استثمار النضج والمعرفة والخبرة المتراكمة لخدمة الدولة والمجتمع الرئيس الأسد خلال لقاء مع أساتذة اقتصاد بعثيين من الجامعات العامة: الدعم يجب أن يبقى والنقاش لا يتم ... الرئيس الأسد يصدر القانون رقم ( 12 ) الخاص بحماية البيانات الشخصية الإلكترونية الرئيس الأسد يصدر مرسومين بتنفيذ عقوبة العزل بحق ثلاثة قضاة

حمل بثلاثة توائم- عبد اللطيف عباس شعبان

أثبت واقع الحال بالوثائق والحقائق، أن التقنين لأية مادة – خاصة المواد الأساسية – حاجة قائمة، حال نقَص توفرها لسبب أو لآخر، ولكن هذا التقنين كان دائماً بمثابة حمل قائم بثلاثة توائم يخرجون من رحم واحد، فالتوءم الأول يتمثل بالكلفة المالية العالية والمتاعب الإدارية، التي تتحملها السلطات المنظمة للتقنين، والتوءم الثاني يتمثل بالإرباكات التي يتحملها المواطن جراء ذلك، والتوءم الثالث يتمثل بالسوق السوداء التي تنشب إثر كل حالة تقنين، حيث يظهر ضعف توفر المادة المقننة بالسعر النظامي، وانتشار توفرها شبه العلني بأضعاف سعرها في السوق السوداء، هذه السوق التي رافقت التقنين بدءاً من دفاتر بطاقة القسائم التموينية للسكر والرز والشاي التي تم اعتمادها سابقاً لسنوات عديدة، والتي سبقها إرباكات الجهات المعنية بإقرار هذه البطاقة وإصدارها واعتمادها، وما ترتب على ذلك من نفقات ملايين الليرات على السجلات المعدة لها ورواتب العاملين عليها، وأعقبها إرباكات المواطن المتمثلة بمعاناة الحصول على هذه البطاقة، وانتظار وجود المادة، ومن ثم كتابة الاسم والرقم على كل قسيمة واصطحابها إلى مراكز البيع والوقوف بالدور، وهل غاب عن أحد تلك المتاجرة الكبيرة التي تمت يومئذ بتلك القسائم التموينية، ما كان منها مزوَّراً أو ما باعه منها أصحابها للمتاجرين بها لأكثر من سبب، والتي حصد أرباحها المليونية الآلاف من التجار، ولم تطل الرقابة إلا العشرات منهم.
والسؤال الجائز بل والمنطقي الطرح؟ هل كان بإمكان تجار تلك القسائم – المجمعة يومئذ من أكثر من مكان – صرفها مجتمعة في مكان واحد أو أكثر لولا تعاون بعض الإداريين معهم، وكم بلغت أسعار الكغ من السكر والرز والشاي يومئذ في السوق السوداء، وأخيراً تثاقلت السلطات في الاعتماد الشهري المعهود لهذه القسائم، ليصبح لآجال متفاوتة، ومن ثم أوقفت استخدامها كلية دون تعليل معلن أو سابق إنذار، وتضاعفت أسعار المواد المقننة عشرات المرات، ومؤخراً وصلت إلى مئات المرات.
لاحقاً – قبل سنوات – صدرت دفاتر قسائم تقنين محروقات التدفئة على شكل دفاتر، ولا يخفى على أحد تكلفة إعدادها المالية والإدارية حينئذ، وجميعنا شاهد السوق السوداء بها نتيجة بيع الكثيرين دفتر القسائم بكامله، أو جزءاً منه لمحطة وقود أو لمتاجرين بها، ولا يخفى على أحد كم خسرت الدولة يومئذ جراء بيع كميات هذه القسائم الممنوحة بالسعر المدعوم – في السوق السوداء – وما حققه المتاجرون بها من أرباح مضاعفة على حساب الاقتصاد الوطني، وبعدئذ تم اعتماد توزيع استمارات للأسر ليسجلوا عليها كمية محروقات التدفئة التي يستلموها، ولكنها أهملت هذه الاستمارات بعد المرة الأولى أو الثانية، ولم تجد من يوليها الاهتمام لاحقا.
قبل فترة وجيزة دخلت علينا البطاقة الذكية ذات الكلفة الأكبر بكثير على الوطن، والتي تنعكس على المواطن بشكل مباشر أو غير مباشر، هذه الكلفة المتمثلة بالقيمة الكبيرة لتلك الأجهزة التي ستمر عبرها البطاقة الذكية، وتلك الرسوم السنوية اللاحقة المترتبة الدفع عليها دوريا، ومعها الرسوم الآنية التي تتقاضاها الشركة المعنية لقاء كل إدخال للبطاقة الذكية فيها لكل عملية تجارية، والمترافقة بإرباكات المواطن الذي يجد نفسه مقيَّدا في مكان وزمان استخدامها، بما قد لا يتوافق من قريب أو بعيد مع حاجته لمضمونها، أكان ذلك للغاز أو للمحروقات أو للخبز أو للمواد التموينية، وهل ما قد يحصل من توفير منشود بالكميات بمئات ملايين الليرات السورية، يغطي ما يترتب على ذلك من نفقات بمئات المليارات على الأجهزة المستخدمة، والوقت الضائع عند مستخدميها.
قراءة متأنية تثبت ألا مفر من التقنين في بعض الحالات، ولكن إجراءات التقنين المعتمدة سابقاً وحالياً عالية الكلفة، على اقتصاد الوطن والمواطن، وتؤسس لسوق سوداء ناجمة عنها قائمة وشبه معلنة لكل مادة مقننة، تضمن تحقق أرباحاً كثيرة لقلة على حساب الاقتصاد الوطني وعلى حساب اقتصاد الأسرة، فمنح المادة المقننة بسوية واحدة، سواء للأسرة أو للمنشأة أو للآلية، أو للبعض تحت عناوين وأخرى، وضعف ضبط استخدام المادة للغاية التي استجرت من أجلها، أكان ذلك نتيجة ضعف أمانة مستجريها أو ضعف رقابة السلطات التي منحتها، وضعفها وقصورها في متابعة تنفيذ قراراتها، أو جشع التجار الذين لا تواجههم الرقابة بصرامة، ولا يواجههم المواطن بجرأة وحزم، كل ذلك يجذر السوق السوداء.
فالسوق السوداء القائمة حاليا في المحروقات ناجمة عن بيع الكثيرين لمخصصاتهم الممنوحة لهم – تحت أي اعتبار كان – التي لن يستخدموها سواء أكان ذلك للتدفئة أو للمعدات أو للآليات، ونتيجة الوفر الذي تحققه المحطات نتيجة نقص الكيل في المحطة، أو الذي قد تحصليه بطريقة أخرى، وهكذا للخبز والسكر والرز والاسمنت.
قد يكون إجراء منع منح الوقود المدعوم للسيارات ذات محركات قوية أو للسيارة الثانية لمن عنده أكثر من سيارة إجراء إيجابيا، ولكن أغلب شريحة هؤلاء هم من التجار ورجال الأعمال والمهنيين الكبار، الذين رفعوا قيمة منتجاتهم وبدل خدماتهم بما يزيد عن ما لحقهم جراء نقص دعمهم في المحروقات، وانعكس ذلك على الوطن والمواطن.
حقيقة الأمر.. واقع الحال يفرض التقنين للعديد من المواد وخاصة المواد المدعومة، ولكن ما لم يترافق التقنين بقرارات حكومية حكيمة مدروسة الأسعار والكميات، وتنظيم منح المادة لمستحقيها ومستخدميها فعلا، مع الاقتران برقابة حكومية صارمة ورقابة شعبية عازمة، تمنع السوق السوداء، سيبقى قسم كبير من مخصصات الدعم تذهب هدرا، وحبذا الانتقال من الدعم بالسلعة إلى الدعم بالليرة.

*عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية:

هذا المقال منشور في صفحة اقتصاد من صحيفة البعث ليوم الجمعة 9/ 10 / 202

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات