تخطى إلى المحتوى

هل تستمع الحكومة إلى “ما يطلبه المواطنون” عبر الفضاء الإلكتروني؟

منال صافي

ساهم الإعلام الإلكتروني (العام والخاص ) ببناء جسور تواصل بين المواطن والحكومة، وأتاحت خاصية التفاعل عبر صفحات التواصل الاجتماعي للوسائل الإعلامية مساحة كبيرة من الحرية من خلال التعليقات والنقاشات التي تدور حول القضايا المطروحة سواء أكانت ( اقتصادية أم اجتماعية ). و كان لهذا أثر في تكوين رأي عام تجاه قضية ما، و وصل الأمر في كثير من الأحيان أن شكّل هذا الرأي العام ضغطاً على الحكومة لإعادة النظر بسياساتها وقراراتها من خلال ردود الأفعال التي تكوّنت عبر هذه الصفحات .

حل المشكلات

يتحدث المهندس عبدو الأسعد عن دور الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي بالتعاطف مع قضية توقيفه على خلفية دعوى أقامتها ضده مؤسسة توليد الكهرباء مضمونها (قدح وذمّ مؤسسة عامة وإلحاق ضرر مادي ومعنوي بها ) قائلاً: انتقدت الفساد المخفي في قطاع الكهرباء سنوات طويلة من خلال منشوراتي ولم أتعرض لأي مساءلة أو استجواب وهذا دليل على مساحة رأي حرّ مقبولة من دون تحيّز، و نظراً لما طرحته بالوثائق دعاني وزير الكهرباء غسان الزامل واستمع لطروحاتي وهذا دليل على تجاوب المسؤول وخاصة عندما تكون الكتابة بهدف خدمة الوطن وتصحيح الأخطاء .

وأضاف: عندما تم توقيفي كان لضغط الرأي العام عبر هذه الوسائل والتعاطف مع القضية ومشاركة الخبر على نطاق واسع عبر الصفحات، إضافة لدعم الإعلام الرسمي دور كبير في إيصال القضية لأصحاب القرار و بدورهم سارعوا بالإفراج عني و إجبار من أقام الدعوى بالتنازل عنها، مؤكداً أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور في حلّ بعض المشكلات التي كانت تقبع في الأدراج والتي لم يكن أحد قادراً على إيصالها عبر القنوات الرسمية .

متابعات رسمية

يؤكد مديرو المكاتب الصحفية في الوزارات متابعتهم لكل ما ينشر عبر الإعلام الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي وإحاطة الوزير بها من خلال تقارير يومية، تقول الدكتورة ريما زكريا مديرة المكتب الصحفي في وزارة التربية: إن وزير التربية يتابع شخصياً ما ينشر من شكاوى متعلقة بعمل الوزارة، كما أن المكتب الصحفي يقوم بتحويل الشكوى إلى المديرية المختصة للمعالجة بحسب توجيه الوزير .

ويشير عامر اليوسف رئيس دائرة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة الصحة إلى أن كل ما يتم تداوله عبر الإعلام الإلكتروني و مواقع التواصل كـ”تريند” ويشغل الرأي العام تتم متابعته ويتم وضع الوزير بصورته وبحسب التوجيهات تتم المعالجة، مبيناً أن الشكوى التي تمر عبر القنوات الرسمية تتم متابعتها ومعالجتها بشكل أسرع، ولكن وسائل التواصل مفيدة في استقراء المزاج العام حول قرار محدد، ولفت إلى أن منشورات “الفيسبوك ” شكلت ضغط عمل كبيراً, فالمتابعة أصبحت على مدار الساعة ولا تقتصر على أوقات الدوام الرسمي.

كما أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نشرت مؤخراً مقطع فيديو تحدثت خلاله عن إنشاء /5/ صفحات على موقع “فيس بوك” لاستقبال الشكاوى المتعلقة بعمل الوزارة ومتابعتها .

متسرّعة وعشوائية

يرى المحلل السياسي والباحث الاقتصادي الدكتور علاء أصفري أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً إيجابياً لكونها شكلت فضاءً رحباً للتعبير عن كل ما يجول في فكر المواطن، وأنه كلما زادت القرارات الحكومية ضبابية سيزداد حجم الضغط على شبكات التواصل الاجتماعي و الإشاعات وتضخيم المواقف .

وقال أصفري: للمواطن الحق بالتعبير عن رأيه وخاصة بما يمس شؤونه الحياتية، وعليه انتقاد السياسات الخاطئة، وهذا الحق يجب ألّا يشكل خوفاً لحكومات نظيفة وشفافة، فاليوم تلعب شبكات التواصل دوراً كبيراً في تشكيل رأي عام في كل دول العالم، أما في بلدنا فالحكومة قاصرة عن رؤية ما تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي ولا تهتم بأن تكون هذه الشبكات أداة لقياس الرأي العام، ولا يمكن أن تكون شريكة في صناعته لأن صناعة الرأي العام تستلزم أن تكون الحكومة شفافة وجريئة وصريحة في المعلومات باستثناء المتعلقة بالأمن القومي .

وأوضح أن ما يمسّ هيبة الدولة ويقدم خدمة مجانية للأعداء ليس الانتقادات والتعبير عن الرأي بخصوص القضايا المعيشية عبر شبكات التواصل، كما يعتقد البعض، بل مجموعة القرارات المتسرعة التي تؤثر سلباً في المواطن, منوهاً بأن المواطن يدرك تماماً أن ثرواته تُنهب من قبل الاحتلال الأمريكي والتركي ، ولكن ندرة وشح المعلومات المتعلقة بإدارة الندرة للموارد المتاحة في البلاد جعلت المواطن تائهاً وانعدمت الثقة بينه وبين الحكومة .

تأثير مدمر..!
ولفت إلى أن القرارات الحازمة المتعلقة بالجرائم الإلكترونية يجب أن تقتصر على القضايا التي تمس الشرف الشخصي للمواطن والتهجم الشخصي على المسؤول أو المواطن والمس بسمعته مباشرة بلا دلائل ،وأنه لا داعي للحساسية الهائلة من قبل الحكومة لأن للمواطن الحق بالصراخ من الألم والفقر، فهو يشعر اليوم بوجود ” قيصر” داخلي يتحكم به من خلال قرارات متخبطة وعشوائية كموضوع توطين الخبز واستبعاد شريحة كبيرة من المواطنين من الدعم .

وأشار أصفري إلى أن أفضل طريقة لعزل التأثير المدمّر لهيبة الدولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي تتمثل بالشفافية بين الحكومة والمواطن ومكافحة حقيقية للفساد و تفعيل منظومة الإعلام الحقيقي وليس إعلام الحكومة، وخطة نهوض اقتصادية حقيقية في ظل الحصار وضغط النفقات بشكل كبير وحقيقي وتعديل فوري لنظام الجباية وتحويله لمنظومة محترمة وتحفيز المواطن على النقد البنّاء بدل إسكاته.

سلبي وإيجابي

من جهته رامي أمون الأستاذ المساعد في كلية التربية- جامعة تشرين تحدّث عن الدور الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي المتمثل بإعطاء مساحة للفرد لإبداء الرأي، وإمكانية النشر من دون عوائق، كما أصبح الأفراد مصدراً للمعلومة وتحديداً في مناطق سكنهم أو عملهم، موضحاً أن هذه الوسائل تتيح كل المواضيع بمختلف المجالات، كما أنها لعبت دوراً نفسياً من خلال السماح للفرد بالتعبير, وهذا ما يشكل نوعاً من التنفيس وتفريغ الطاقات السلبية الكامنة عنده .

ولفت إلى أنه من خلال ما ينشره الأفراد على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن الإشارة إلى الكثير من مواطن الخلل والفساد في كل مفاصل المجتمع سواء من خلال تجاربهم الشخصية أو من خلال رؤيتهم وملاحظاتهم وبالتالي يشكل ذلك نوعاً من الرقابة الشعبية على العمل بكل مستوياته.

وفيما يتعلق بالدور السلبي قال أمون: إن هذه الوسائل أحدثت فوضى عارمة بالنشر, بحيث أصبح كل من لديه حساباً على أي موقع تواصل اجتماعي يستطيع أن ينشر ما يريد ومن دون أي إمكانية من التحقق من صحة ودقة ما يكتبه، وإمكانية إنشاء حسابات وهمية وبالتالي نشر معلومات وأفكار تضر بالمصلحة العليا للبلد وبمصلحة المواطن وربما تحمل ضرراً لأشخاص معينين أو لمؤسسات تابعة للدولة أو غيرها، ولفت إلى نشر منشورات مسيئة وتضر بمكونات المجتمع السوري و بوحدته وتماسك بنيانه وتحرّض على كل أشكال التفرقة و يمكن أن تستخدم وسيلة للابتزاز والإساءة سواء الجنسية أو المالية.

وللحكومة صفحات

واستبعد أمون أن تلغي وسائل التواصل الاجتماعي دور الإعلام التقليدي بل باتت مكملاً له، وأن العمل على وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد عملاً إفرادياً أو شخصياً بل أصبح عملاً منظماً ويمكن أن نطلق عليه عملاً مؤسساتياً, حيث إن كل جهة سواء حكومية أو خاصة وعلى كل المستويات بدءاً من مقام رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء إلى كل الوزارات والمؤسسات والجامعات وغيرها أصبحت تمتلك صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي وتنشط عليها من خلال مكاتبها الإعلامية, سواء من حيث تغطية الأحداث بشكل عام أو تسليط الضوء على أعمال المؤسسة التي تتبع لها، ووسائل الإعلام بحد ذاتها أصبح لها صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي, تقوم بالنشر عليها, ما يكمل ما تنشره الوسيلة بشكلها وخصائصها المعتادة.

بانوراما سورية-تشرين

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات