بانوراما طرطوس- عبد العزيز مجسن:
الفوضى العارمة والإهمال الكبير هما الصفتان البارزتان لملف التعامل مع الآثار الاجتماعية والإنسانية للأزمة التي تمر بها البلاد سواء ما يتعلق بها بالتعامل الحكومي أو تعامل الجمعيات الأهلية والفرق.. وما إلى ذلك.
فقد أحدثت هذه الأزمة شرخاً كبيراً في مجتمعنا وجرحاً نازفاً في كل بيت..ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن حالات إنسانية مأساوية ومعاناة مختلفة لذوي الشهداء والجرحى والمفقودين يتم التعامل معها بطرق ووسائل فردية ونادراً ما يتم معالجة هذه الحالات المعالجة المناسبة.. إنه واقع مؤلم ومحرج عندما يحتاج من كان يؤدي واجباً أو مهمة وطنية إلى مساعدة المجتمع والدولة ولا يجد من يلبي حاجته الشخصية أو حاجة أهله وأسرته..
أربع سنوات من عمر الأزمة ولم تستطع الدولة إيجاد طريقة أو وسيلة مناسبة للتعامل مع هذا الملف الحساس.. وعلى الرغم من وجود مكاتب في المحافظة أو قيادة فرع الحزب تسمى مكاتب شؤون الشهداء إلا أن هذه المكاتب لا تغدو كونها مكاتب توثيقية وأدوارها محدودة في تقديم العون لأسر الشهداء لعدم توفر الامكانات ولا الصلاحيات..
ما نحتاجه اليوم هو وزارة أو هيئة عليا لإدارة هذا الملف تتمتع بصلاحيات كاملة وبإمكانات واعتمادات مالية كبيرة إضافة إلى ملفات أخرى كالجرحى والمفقودين والأسرى.. ما نحتاجه اليوم هو دراسة كل ملف من ملفات هؤلاء على حدا وقيام الدولة بواجبها بتأمين احتياجات الأسرة وخصوصاً للأسر التي يوجد فيها أطفال وقاصرين فهناك حالات يجب التعامل معها بخصوصية تختلف عن بعض الحالات الأخرى..
إن هذا الموضوع يجب أن يشكل أولوية مطلقة.. وكم هو مزعج أن يتم اليوم الحديث عن مرحلة إعادة الإعمار ويتم رصد الاعتمادات وإطلاق المشاريع فيما لا تزال هناك آثار اجتماعية جسيمة.. ولا يزال هناك مآسي هائلة ناجمة عن هذه الحرب بحاجة إلى رعاية واهتمام وإصلاح.. يجب الالتفات أولا إلى الإنسان وما تعرض له من خسائر معنوية ونفسية ومحاولة التخفيف عنه وتقديم الدعم والرعاية بطرق وأساليب مدروسة تراعي كرامات الناس وتشعرهم بقيمتهم الحقيقية ..ولعل أكثر ما يزعج هو انتشار ظاهرة حفلات التكريم بحيث يبدو الموضوع استعراضيًا إلى حد كبير دون مراعاة للمشاعر أو تقدير لأوضاعهم .. فما هكذا يكرم أو يكافئ الجريح أو الشهيد ولا هكذا يستحق أهلهم وذويهم ولن تنفع الهدايا ولا المبالغ النقدية في مثل هذه الحالات..