رسائل وإشارات كثيرة أراد القائمون على إدارة الجهاز المركزي للرقابة المالية من خلال مؤتمرهم الأول الذي عقد مؤخراً إيصالها لإدارات وأجهزة الدولة لعل في مقدمها أنها ماضية في ممارسة دورها بمكافحة الفساد وتحقيق رقابة فعالة على أموال الدولة.
ولأن إدارة الجهاز تدرك جيداً حجم الانتقاد والتذمر في الشارع السوري لبعدها طوال السنوات الماضية عن ترجمة صلاحياتها ودورها الكبير والفعال الذي أتاحه لها قانون إحداثها.
وما أحدثه هذا التخلي عن المهام من فراغ تلقفه المستغلون والفاسدون على أكمل وجه والمحصلة الطبيعية كانت مزيداً من تنامي عمليات الفساد وتجذر الفاسدين في مختلف أجهزة الدولة مما ضيع على خزينة الدولة وحسب ما كشف مدير عام الجهاز عشرات ملايين الليرات الناجمة عن حالات فساد كبيرة خاصة على صعيد الرواتب والمشتريات والأرزاق في المشافي العامة على وجه التحديد.
من هنا فإن تغيير هذه الصورة التي ترسخت في أذهان الناس والعودة من جديد لتحمل المسؤولية الكبيرة التي تفرضها الأوضاع الراهنة في البلد والقيام بالمهام التي أوكلت للجهاز المركزي للرقابة المالية لن يكون سهلاً حتى وإن دعم كلامه بنماذج ونتائج ايجابية حققها خلال العامين الماضيين بمختلف عمليات التدقيق والتحقيق وسعيه لاعتماد وتطبيق مبدأ سياسة الباب المفتوح وإيلاء المعلومات والشكاوى أهمية خاصة .
غير أن هذه الظروف الاستثنائية قد تشكل بدورها مناخاً مؤاتياً لإدارة الجهاز لانطلاقة فاعلة وقوية في تنفيذ دوره ومهامه ليس فقط على المستوى المركزي وإنما على مستوى كل الفروع التي تراخت وتخلت عن مسؤولياتها كنتيجة طبيعية لضعف أداء الإدارة المركزية .
والبداية الجيدة التي قد تحدث تغييراً بتلك الصورة السلبية تأتي من المؤتمر من خلال المبادرة لتبني توصياته وتطبيقها بفترة زمنية محددة والبت الفوري بمئات قضايا التلاعب والفساد التي أحيلت للجهاز المركزي وأصدر بها قرارات لم تتابع أو تنفذ بل بقيت حبيسة أدراج المعنيين بها.
هذه الحالة الايجابية التي يريد الجهاز المركزي للرقابة المالية العمل من خلالها واعتبارها نهج عمل وليس حالة طارئة بل يجب أن تستمر دورياً لتقييم ما نفذ ومساءلة المقصرين.
الثورة-هناء ديب