أكّد الدكتور أحمد أديب أحمد, أستاذ الاقتصاد في جامعة تشرين, أن حلب كانت عاصمة الاقتصاد السوري، بل والعاصمة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، كما كانت الموقع المفضّل لمعظم البعثات الدبلوماسية والسياحية القادمة إلى سورية، وأن انتصار حلب اليوم هو إنعاش لنبض الاقتصاد السوري, وإحياءٌ له من جديد، ونحن نعوّل عليه كثيراً في استعادة سورية لعافيتها ودورة عجلتها الاقتصادية من جديد
وأشار الدكتور أحمد في حديث لوكالة آسيا نيوز أنه لا بدّ من اتّخاذ إجراءات دقيقة لإحياء هذا الاقتصاد من جديد، وذلك من خلال الخطوات الآتية:
الأولى: تنظيم عودة الأهالي إلى حلب, لأنها لا تعمّر إلا بأيدي أهلها، فعودتهم تعني عودة الأفراد (الأيدي العاملة) والخبرات الصناعية والحرفية, وعودة رؤوس الأموال المهاجرة.. إلخ، وبالتالي إعادة تشغيل المعامل والمصانع, وعودة عجلة الحياة للمدينة الصناعية في منطقة الشيخ نجار.
الثانية: تنظيم أدوارهم الواجب أن يقوموا بها، وتقسيمهم إلى مجموعات:
1- مجموعات حماية ذاتية, تعمل تحت إشراف الجيش والقوات المسلحة: إذ عليهم أن يحموا مدينتهم كي لا يعود الإرهاب مجدداً لدخول حلب, كونها كانت وما زالت مطمعاً لتركيا العثمانية ومَن يقودها في أوروبا وأمريكا، فهم ذاقوا طعم الكابوس الأردوغاني في ضمّ حلب إلى سلطنته العثمانية، وعليهم أن يخرقوا هذا الكابوس ويحافظوا على يقظتهم بشكل تام, في ظلّ ضرورة استكمال الجيش العربي السوري لمهامّه في تحرير كل الأرض السورية.
2- مجموعات بناء: إذ عليهم بأنفسهم تأهيل البنى التحتية اللازمة للسكن, والعمل تحت إشراف مؤسسات الدولة، لأن الدولة بمفردها غير قادرة على إعادة بناء ما تهدّم نتيجة الحرب التي تعرضت لها المدينة، لكن بالتعاون ما بين مؤسسات الدولة والأهالي سيتم إعادة إعمار ما تهدّم، خاصة إذا تمّت الاستفادة باستثمار كل ما تمّ تدميره من حجارة ومعادن وأخشاب, بإعادة تدويره وتصنيعه من جديد.
3- مجموعات عمل متخصّصة: وذلك لإعادة المعامل والمصانع للعمل تحت كل الظروف المتاحة، فنحن بأمس الحاجة لإعادة الإنتاج، إذ لن تقوم للاقتصاد السوري قائمة إلا بالإنتاج الذي سيوفّر البضائع المحلية ويخفف من أعباء الاستيراد، وربّما يساهم إلى حدّ ما في دعم الصادرات، وكل هذا سنرى منعكساته الإيجابية على أسعار المواد والبضائع المتوفرة في الأسواق، وعلى سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار.
وأضاف الدكتور أحمد في حديثه: هذا يتطلب من الدولة أن توجّه نفقاتها لخدمة هذا المشروع العمراني للصناعات الحلبية كافةً، كما يتطلّب من الأهالي أن يتعاونوا بشكل كامل مع الدولة، وأن لا يفرّطوا بتضحيات الجيش السوري الباهظة, التي كانت سبباً في استعادة حلب من يد الإرهاب التي اختطفتها لعدة سنوات، فالمسؤولية الكبرى تقع على عاتق أهلنا في حلب، لأن الجيش تنتهي مهامّه بتحرير حلب من الإرهاب، لكن على الأهالي أن يحصنوا أنفسهم ولا يسلّموها مجدداً، سواء كان ذلك بالرغبة, وأقصد هنا أن الذين غرر بهم يجب أن يعتبروا مما جرى، أو بالرهبة, وأقصد أنهم يجب ألا يخافوا ممن يريد إرهابهم, لأنهم شهدوا ضعفهم أمام قواتنا المسلحة الباسلة، فبلدٌ لا يحميه أبناؤه لا يستحق الحياة. أما الجيش فله مهامّ أخرى يجب أن يتوجّه لخوضها, وهي تحرير الرقة ودير الزور وإدلب وتدمر, وبقية المناطق التي ما زال يحتلها الإرهاب الظلامي..
وختم أستاذ الاقتصاد بقوله: يجب أن يعلم الجميع أن حلب مدينة حية لا تموت، والمجتمع السوري بشكل عام مجتمع لا يموت, لهذا أرادوا تهجيره إلى تركيا وألمانيا وأوروبا للاستفادة منه، لأنهم طمعوا بالعقول المهاجرة والأيدي العاملة والخبرات الصناعية السورية، ونحن أحق أن نستعيدها لتعمّر بلدها من جديد، فالدمار حلّ بالحجر، أما البشر فهم الذين يعيدون بناء الحجر من جديد.