تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بعفو عام عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ الـ... الرئيس الأسد يشارك في الاحتفال الديني بذكرى المولد النبوي الشريف في جامع سعد بن معاذ الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الوزارة في سورية.. الرئيس الأسد يهنئ الرئيس تبون بفوزه في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً برفع نسبة تعيين الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية في الجهات ال... روسيا تطالب بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي الذي ينتهك السيادة السورية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل المواد المتعلقة بالعملية الانتخابية لغرف التجارة وغرف التجارة والصن... الرئيس الأسد يترأس اجتماعاً للقيادة المركزية.. وبحثٌ لدور كتلة الحزب داخل مجلس الشعب اللجنة العليا للاستيعاب الجامعي تقرر قبول الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية بفروعها كافة في الجامعات... الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب: مجلسكم هو المؤسسة الأهم في مؤسسات الدولة وتأثيره لن يكون ملموساً إن لم...

المربي “محمد علي أحمد” علم وعطاء حتى الإنارة

بانوراما طرطوس- نورس علي:

قدم المربي “محمد علي أحمد” خُلاصة معرفته حِكَماً أرفقها مع الحصص المدرسية، وصاغ أخرى كتاباً أهداه للمعنيين بالتربية، فهو من تعلَّم وعلَّم في جلسات شيخ الكتاب، متحصناً بأهلية التعليم.
ونشأته الاجتماعية وتفوقه كانا تميزاً وصفه نجله الأستاذ “ياسين أحمد” بتاريخ 28 آذار 2017 فقال: «تعلّم والدي القرآن على يد عم والده الشيخ “سلمان أحمد منصور”، والكتابة على يد الشيخ “إبراهيم يوسف”، وتلقّى علومه على يد العالم الشيخ “محمود سليمان الخطيب” في قرية “جيبول” ريف مدينة “جبلة”، وقواعد اللغة أيضاً على يد الشيخ “أحمد عبد الله”، قرية “العنازة”، فحفظ القرآن ونهج البلاغة وديوان المنتجب وديوان المكزون وديوان المتنبي، وقال الشعر مبكراً، لما أمتلكه من مخزون فكري وثقافي عالي.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي كانَ الشيخ “صالح علي سلمان عمران” من قرية “الصومعة”، منطقة “صافيتا”، يُلقي دروساً في بيت المجاهد الكبير الشيخ “صالح العلي” لفتيانٍ من منطقة “الشيخ بدر” وما حولها في علوم القرآن واللغة العربية، وقد حضرها والدي مع فتيين من القرية، ونجح في اختبار حفظ القرآن الكريم الذي أجراه ذلك العالم الباحث له، ونال تقدير الشيخ المجاهد وتكريمه، وقد أخبرني الأستاذ الشيخ “صالح” قبل أكثر من عقدين من الزمن، أنَّ الوعي المبكّر هو الذي كانَ يطبع سلوك وحياة والدي رحمه الله».
وفي سنة 1940 بدأ يعلّمُ قواعد اللغة العربية، والإملاء، والخط، في قريته “بحنين” والقرى المجاورة، عبر مجالس الكُتاب الشعبية، وهنا قال ابنه “ياسين”: «حازَ والدي على ثقة أهالي التلاميذ بإخلاصهِ وتفوّقهِ، وكانَ من أبرز الذين تحدّثون في مجالسهم عن فضله في تعليمهم الشيخ “محمود مرهج” والأستاذ “محمد صبح” الموجه التربوي المعروف».
ومع انتشار المدارس تضاءلَ عدد تلاميذ الكُتاب، وازداد عدد أفراد الأسرة، وغم ذلك كانت له انطلاقة جديدة نحو التحصيل العلمي بحسب حديث نجله “ياسين” حيث قال: «شجّع مدير “مدرسة بحنين” الأستاذ “جعفر سلمان” من قرية “البرازين” في منطقة “جبلة” والدي على الدراسة، فنال بالدراسة الحرّة الشهادة الابتدائية عام 1952، ثم تقدم لامتحان الشهادة المتوسطة ونجح فيه عام 1954، وكانت أسماء الناجحين آنذاك تُذاع في الإذاعة السورية، فجاءه بالبشرى صاحب جهاز الراديو الوحيد في “بحنين”، وبعدها نال الثانوية العامة وأهلية التعليم، وجل ما ساعده في تحصيله تعمقه بحفظ القرآن الكريم وقواعد لغته العربية عبر مجالس الكتاب التي ترعرع ودَرَس فيها.
وبعد نجاحه في مسابقة انتقاء المعلمين عُيّن في قرية “خربة الروس” قرب “منبج” في محافظة “حلب”، فكان المعلمَ المؤسس، لأن المدرسة كانت مُحدثة وكان عليه أن يُقنِع أهالي القرية لإرسال أبنائهم إلى المدرسة، وهذا ما تم فعلاً وساعده في ذلك حفظه للقرآن ونهج البلاغة، وإهدائهِ نسخاً منهما للآباء، وعمّقت عفّة نفسه تأثيره فيهم، واحترامهم له، وعندما نُقلَ إلى محافظة “اللاذقية” بعد أربع سنوات، ترك مدرسة مزدهرة، وطلاباً يقرُّون بفضله، حتى أنه بعد مرور ما يقارب نصف قرن زاره الشيخ “دياب الماشي” عضو “مجلس الشعب” برفقة بعض الأعضاء تقديراً وعرفان بالجميل».
وتابع المربِّي “محمد” رسالته التربوية والمعرفية في محافظة “اللاذقية” قرية “عين طنطاش” قرب صلنفة لعامين، ومن ثمّ نُقل إلى “مدرسة بحنين” معلّماً في إبتدائيتها، ثمّ أميناً لمكتبة ثانويتها، حيث حض على القراءة والمطالعة عبر الاستعارة من تلك المكتبة، وهنا تابع “ياسين”: «لم تتوقَّف مهمّته التربوية عند التقاعد ، حيث لم يكن صاحب وظيفة بل صاحب رسالة، فانخرط في معركة الإصلاح الاجتماعي والديني، نبَذَ الخُرافات، والتعصّب الذميم للطائفية والعشائرية، وكافح العادات السيئة، وتصدّى لكافة الأمراض الاجتماعية، ودعا إلى العلم والفضيلة، ومكارم الأخلاق، واستخدام العقل السليم المعافى، في مسيرة الحياة، وصاغ فلسفته الحياتية شعراً منه:
عَن العِلْمِ لا تَكسَلْ ولا تَكُ لاهياً      فإنَّ العلا لا ترتقيها براحةٍ
وعشْ طالباً للعلمِ مجتهداً لهُ          وجدَّ إلى العَلْيَاءِ بالتَّعبِ المُرِّ
ولابدَّ دونَ اليُسْرِ من ألم العُسْرِ     لتحيا حياةً لا تموتُ مدى الدَّهْرِ

وعن علاقة المربي “محمد” بأسرته وتنشئتها قال نجله “ياسين”: «كانَ لنا أباً حنوناً، ومعلماً قدوةً، ومرشداً حكيماً، سلاحهُ الحرف، وعدّتهُ العطاء، وزادهُ المعرفة، وكان مكتبةً مُتنقِّلةً، غنيَّة العناوين، ثريَّة المضامين، لسانُ حالها يقول “إنَّ مجدَ الإنسانِ الحقيقي، لا يكونُ إلاَّ حينَ يمنحُ شيئاً مفيداً”، و آمن بانَّ الحيَاةَ لا تَرْتقي، إلاَّ بالارتقاءِ بالوطَن، وتحصينِ أجيَالهِ، بقيم الحقِّ، والخَيرِ، والجَمَال. و أسهم مع رفاقِه الروَّاد الأوائل، في تشكيلِ وعي أجيالٍ عديدةٍ».
وفي مطلع الألفية الثالثة وبعد أن تجاوز الثمانين من العمر، عمل المربي “محمد” على إعداد كتاب “الأدوات في اللغة العربية” وهنا قال المدرس المتقاعد “جابر سلامة”: «بعد انجاز هذا الكتاب القيِّم بقواعد اللغة العربية ونحوها قدّمهُ هدية لدارسي العربية وطلابها ومحبيها ووزارة التربية ومديرياتها في مختلف المحافظات، آملاً أن يكون قد قدّم خدمةً لأبناءِ بلاده».
ويتابع: «كان المربي “محمد” شاعراً مرهف الحس وواسع الخيال وصائب القول، فنظم الشعر العربي في مختلف أغراضه، وجميع هذا انعكس على تلامذته إيجاباً وإبداعاً حتى أرتقوا في العلم إلى درجات عالية بفضل توجيهاته، ومنهم ولداي الأطباء».
أما مدرس اللغة العربية “عيسى حبيب” فقال: «لم يكتف المربي “محمد” بإصدار طبعة من كتابه الخاص باللغة العربية، بل قدم أيضاً على نفقته الشخصية 3000 نسخة مجانية من كتاب في الأدوات النحوية، هدية لمديريات التربية في مختلف المحافظات، لأنه حمل الكلمة بمداها الواسع وتغرب خلف شغافها، ونال التقدير الرسمي على هذا العطاء».
ويقول الأستاذ ” محمد علي يونس ” موجّه اللغة العربية السابق في طرطوس: ” هذا الصديق الحبيب كانَ من روَّاد التربية في محافظة طرطوس والمحافظات السورية الأخرى، فكان المثل الجيّد، والقدوة الحسنة، في جدّهِ وعطائهِ، وفي تحصيله العلمي والتربوي، وفي مسيرتهِ التربوية الطويلة التي قضاها في العمل الجاد الدؤوب لتنشئة جيل صالح يؤمن بالله والوطن، إيماناً صحيحاً، قائماً على القيم الروحية والإنسانية المثلى، التي لا تكتملُ إنسانية كل واحد منَّا إلاَّ بها.”
الدكتور “بسام عبد الله” من طلاب المربي “محمد علي أحمد” قال: «لم نرَهُ يوماً متململاً من الحصة التعليمية، بل على العكس كنا نراه الحكيم وننتظر مقولاته وأحاديثه المتعلقة بالدرس والحياة معاً، وهذا ما شدنا للتعلق بما نتابع تعليماً ليكون درساً حياتياً يؤثر إيجاباً حتى في تعاملاتنا اليومية، حتى غدونا طلابه المتفوقين الحاملين والناشرين لأفكاره وعلمه».
وفيما يلي بعضٌ من أشعار المربي “محمد علي أحمد” المولود في قرية “بحنين” التابعة لمدينة “طرطوس” عام 1922.
قال مخاطباً زملاءهُ أعضاء أسرة التعليم في الوطن قائلاً :
لكم أسرة التعليمِ في الوطنِ الفضلُ   إذا ما نهضتم تنهضُ الأرضُ كلُّها
ومنكم إلى الأجيال ِينبعثُ العقلُ       وإنْ قلتمُ فالقولُ يتبعهُ الفعلُ

 وقال:
وطني على مرّ المدى أوليته       طالعت في كتب الذين بعلمهم
حبّي ومن دميَ الطّهورِ رَويته     صدقوا وعنهم ما يفيد رويته

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات