تخطى إلى المحتوى

الجلسة بـ5000 ليرة!- غسان فطوم

صدّقوا أن الجلسة الخاصة لمادة الرياضيات أو الفيزياء والكيمياء، أو اللغة العربية، وغيرها من المواد لطلاب مرحلة التعليم الأساسي وصلت قبل ليلة الامتحان إلى 5000 ليرة، ويعدّ محظوظاً مَن يكسب رضا المدرس “التاجر” الذي يشغّل عداد النقود منذ الصباح ولا يقفله إلا في ساعة متأخرة من الليل!.
الخطير في الأمر أن حمّى الدروس الخصوصية بدأت تغزو صفحات التواصل الاجتماعي، حيث تتسابق المعاهد والمراكز الخاصة والمدرسون للإعلان عن مواعيد دروسهم، وغالباً ما يتبعون أسلوب عرض الأفلام الجديدة في دور السينما “لحّق حالك المقاعد محدودة” من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الطلبة الهاربين من مقاعد الدراسة نتيجة اللامبالاة والتسيّب الموجود في العديد من المدارس!.
للأسف يحدث كل ذلك أمام نظر الجهة المعنية التي أثبتت عجزها عن ضبط ظاهرة الدروس الخصوصية بعد انتشارها “كالنار في الهشيم” داخل البيت السوري لدرجة أنها أصبحت موضة عند الغني والفقير!.
أسباب عديدة ساهمت في هذا الانتشار المذهل للدروس الخصوصية، أولها تردّي العملية التدريسية في بعض المدارس وأكثرها في الأرياف، وخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي تحوّلت فيها المدارس إلى محطات للراحة للمدرسين المنهكين من ساعات “الخصوصي”، إضافة إلى كثرة المعاهد الخاصة التي استقطبت خيرة المدرسين، وأسباب أخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي للمدرّس الذي يبحث عن موارد تعوّضه عن محدودية دخله، ولكن الذي حصل أن المدرس اهتم بدخله أكثر من تطوير مهاراته وخبراته في التدريس..!.
أولياء الطلبة من أصحاب الدخل المحدود رغم أنهم يعوّلون على الدروس الخصوصية لتحسين مستوى أبنائهم، لكنهم يستغيثون من أسعارها الكاوية التي تستنزف دخلهم “المهدود”، الأمر الذي يتطلب استنفاراً حقيقياً لتطويق هذه المشكلة الخطيرة حتى لا تتحوّل العملية التدريسية في مدارسنا إلى سلعة تخضع للعرض والطلب بعيداً عن هدفها السامي بشقّيه التربوي والإنساني!.
بالمختصر، الدروس الخصوصية باتت واقعاً لا يمكن إنكاره، والخطير فيها أنها استفحلت بشكل مخيف، وباتت تؤرّق المنظومة التربوية، لذا تحتاج إلى ضبط أولاً، والقضاء على مسبّباتها ثانياً، لأن استمرارها بهذا الشكل الفوضوي يهدّد هيبة وسمعة مدارسنا الحكومية التي أصبحت أمام تحدٍّ حقيقي يتطلب من وزارة التربية أداءً مختلفاً يعيد الثقة إلى المدارس الحكومية كما كانت أيام زمان!.

البعث- بين قوسين

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات